December 6, 2022December 19, 2022 إختبار الموت -هل ستصدق شخصاً تثق به وأقسم لك أنه يقول الحقيقة؟ -لا -لماذا؟ -لعله يقول ما يظن أنها الحقيقة، وهي ليست كذلك، وأنا أؤمن أن الحقيقة لا تُعطى، بل تُؤخذ، تُنتزع، عليك أن تقاتل للحصول عليها، فالحقيقة ليست مجانية. -قمنا بإرسالك لتنفيذ مهمة خطيرة، حساسة، مسألة حياةٍ أو موت، وأرسلنا معك شخصاً تعرف انه مُخادع وكذّاب ليشاركك تنفيذها، نحن لا نثق به كذلك، ولكننا بحاجته؟ هل تقبل تنفيذها معه؟ -ربما نعم، وربما لا -كيف؟ -الثقة هنا لا مكان لها، حتى إن كنتُ واثقاً به، فقد لا أنفذها معه، وقد أنفذها مع من لا أثق به، فالجميع في ظرفٍ معين لديهم القابلية للخيانة والغدر، كما لديهم القابلية للصدق والإخلاص، لن أثق بأحدٍ بعملية خطيرةٍ كهذه، بل سأثق بالخطة، فإن كانت الخطة قد أخذت جميع الاحتمالات بعين الاعتبار، بما فيها احتمالات الغدر، وإن وضعنا الخطط البديلة في حالات الطوارئ، فسأثق بالخطة نفسها، وأنفذها مع من يتطلب الأمر وجوده. -ما هو غسيل الدماغ؟ -هو تحولٌ جذريٌ في الأفكار في فترةٍ زمنيةٍ قصيرة، بلا سببٍ أو تفسيرٍ مقنع. -كيف تتم العملية؟ -الطريقة البدائية هي بالوسائل القصرية، مثل التعذيب الجسدي أو النفسي، لزرع الأفكار في رأس الضحية بشكل مباشر. -ما هي الطريقة الأكثر تطوراً؟ -من خلال التلاعب بالبيئة المحيطة للضحية، وتمرير الأفكار إلى دماغه بطريقةٍ غير مباشرة، لإقناعه أنها نتاج الصدفة، أو لأسبابٍ خارقة للطبيعة مثل قدرك المكتوب سلفاً، أو أن الرب قد اختارك لهذه اللحظة، وكلما كانت البيئة مقنعة أكثر، وصدفية أكثر، كانت جودة العملية أفضل. -كيف تعلم أنك تتعرض لعملية غسيل دماغ؟ -أراقب أفكاري، إن قررت فجأةً تبديلها بلا سببٍ مقنعٍ وواضح، وخلال فترة زمنية قصيرة، يتوجب عندها دراسة التغيرات في البيئة المحيطة بي، الأشخاص الجدد، الإعلانات المستهدفة في مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع الفيديو العشوائية، وكل شيء من حولي يبدو أنه حدث بشكل صدفي، وله علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالأفكار الجديدة. ثم البحث والتركيز، والتحليل والاستنباط، لمحاولة اكتشاف العملية. -ما هو غسيل الدماغ طويل الأمد؟ -عملية غسيلِ دماغٍ تقليدية ولكن تتم بوقتٍ طويلٍ نسبياً، مثل تكرار الفكرة المطلوب زراعتها أسبوعياً بدل من تكرارها يومياً، ويحدث هذا إن كان الضحية ذكي ودقيق الملاحظة، فتتم العملية بحذر وبطيء حتى لا يكتشفها. -أيهما أكثر قوة، غسيل الدماغ قصير الأمد، أم طويل الأمد؟ -القصير، فالعقل يتجاهل سريعاً، عند تمرير الفكرة في فترات زمنية متباعدة يقوم بتجاهل القديم منها، ويدفنها بعيداً في ذاكرته، بالتالي يقل تأثيرها، فنكون عندها مضطرين لزرع الفكرة ألف مرة عوضاً عن مائة، ليزيد الزخم ونعوض قلة تأثير الأفكار القديمة، ومع وجود فتراتٍ زمنيةٍ متباعدة تستغرق عندها العملية وقتاً طويل، وتصبح فرصةُ اكتشاف الهدف لها أكبر. -ما هو حقن الدماغ، وكيف يتم؟ -هو عملية زرع الأفكار المطلوب زراعتها فيه، بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وكلٌ لديه أسلوبه وطريقته بالحقن، بعضهم يتعجلون وبعضهم يأخذون أطول من الوقت اللازم، وفي كلتا الحالتين لا تأخذ الحقنة مفعولها المرجو، بل من الممكن أن ينعكس المفعول تماماً. -كيف تعلم أن عملية الحقن تتم على ما يرام؟ -ردود أفعال الضحية المستهجنة والجديدة، خصوصاً العفوية منها. والتي تصدر منه في وقتٍ قريبٍ من انتهاء عملية الحقن. -ما هي ردة فعل العقل الفيزيائية على عملية حقنه؟ -في بعض الأحيان تكون ردة فعله بافتعال الإحساس بالصداع والخدر في الرأس، أو الرغبة في النوم، التخبط، وبالطبع الذكريات، لكن لا يمكننا الاعتماد عليها، ففي أحيانٍ أخرى تكون هذه الأحاسيس ردة فعلٍ غاضبة من العقل تجاه ما يسمعه، حتى يمنعك عن الاستماع أكثر، حتى إن لم يكن خاضعاً لعملية حقن، وبكل الأحوال، عملية الحقن الناجحة، يجب أن تتم بلا علم العقل، وتمر دون أن يشعر بها. -كم عمليةَ غسيلِ دماغٍ فاشلة قمت بها؟ -صفر -كم عمليةً ناجحة؟ -صفر لحظةُ صمتٍ طويلة. نظرت المختصة النفسية في عينيه، فهي تعلم أنه نجح في كل عملياته! جوابٌ غير متوقع. -لماذا تقول إنك فشلت في جميع العمليات؟ -لم أقل إني فشلت، بل قلت إني نجحت في صفر عملية. -ما الفرق؟ -ما زالوا جميعهم أحياء، على حد علمي، انتهت المهمة، لكن لا أعلم من منهم قد يكتشف الخدعة في آخر لحظة في حياتي. -هل من جديد في حياتك الخاصة؟ نساء؟ أصدقاء ربما؟ -لا، كلها علاقاتٌ سطحية، إلا كاترينا -لماذا ترفض دخولَ شخصٍ مقرب لحياتك؟ -يسألون كثيراً، ولا أحب إعطاء الأجوبة، أنتِ استثناء بالطبع. -ما هو أكثر ما يشغل ذهنك الآن؟ -هل الأشياء تحدث لأنني أفكر بها، أم أفكر بها؛ لأنها ستحدث. -كيف؟ -لأنني منذ أسبوع أفكر بأنك ستأتين للقائي، هل أفكاري من أحضرتك إلى هنا، أم أحسست بطريقة ما بحضورك -ما هي الحاسة السادسة؟ -لا وجود لها، حواسنا الخمسة تستقبل عدداً مهولاً من الملاحظات، والتفاصيل يومياً، عقلنا الواعي لا يمكنه منع استقبالها، لكن يمكنه تجاهلها، يخزنها بعيداً جداً من دون تنبيهنا لها، ليرح نفسه من عناء التعامل معها، وعندما نشعر بأن شيئاً سوف يحدث، فسببه قيام عقلنا الباطن بالتحليل والاستنباط لمليارات مليارات التفاصيل المخزنة فيه، يعطينا النتيجة على شكل إحساس، ليتمكن من تجاوز سلطة عقلنا الواعي، ونحن علينا أن نأخذ هذه الأحاسيس على محمل الجد، وإجبار عقلنا الواعي على تفسير سببها، والعودة للذاكرة وإثباتها. -ما هو العقل الواعي والعقل الباطن؟ -التسمية غير صحيحة، لكن جرت العادة على تسميتها هكذا، أفضل أن أسمي العقل الواعي بالعقل الميكانيكي أو الدماغ، والعقل الباطن بالوعي، فالدماغ ما هو إلا آلة ميكانيكية، بينما العقل الباطن، هو في الحقيقة الوعي نفسه، هو الروح ربما. -لماذا تتحدث عن الدماغ والعقل الباطن والروح وأنت، وكأنكم كيانات مختلفة عن بعضها البعض؟ -لا أؤمن أنني عبارة عن هذا الجسد، أنا شيءٌ داخله، ربما محكوم عليّ من عالم آخر بالسجن فيه، عقوبةً على ذنب اقترفته هناك، وربما بموتي تنتهي فترة عقوبتي. -إذاً فأنت ترى أنك شيءٌ مختلف عن الروح والوعي؟ -لا، كلنا شيءٌ واحد، لا يمكن فصلنا، أنا الروح، والعقل الباطن هو الوعي، وهو ملكي، بينما الدماغ فهو ملكُ الجسد، أو الجسد ملكه. -ما هو أكثر ما يخيفك في الموت؟ -الجميع يكذبون، المتدينون، وغير المتدينين، كلهم يكذبون حول مخاوفهم الأعظم من الموت، يخشى المؤمنون جهنم وعذابها، هذا صحيح، ولكن إن خيرتهم بين الخلود في جهنم تحت العذاب، أو الفناء الكلي، اللاشيء، فسوف يختارون الأولى، إن أكثر ما يخيفنا في الموت هو فقدان الوعي الكامل، أن نصبح لا شيء، كأننا لم نكن موجودين، نختفي ببساطة ولا يعد لنا أي وعي، وأي إحساس بأي شيء، إلى الأبد. -لماذا ستختار العذاب على الفناء؟ -لأنني سأتأقلم معه بطريقة ما، نحن البشر قادرون على التأقلم في جميع الظروف، ودائما نتحلى بالأمل الكافي للصبر عليها. -هل تنام جيداً؟ -نعم، إذا نمت فإنني لا أستيقظ إلا بعد أن يأخذ جسدي حاجته من النوم، ولكن المشكلة تكمن في الوصول إلى مرحلة النوم، فمجرد أن أضع جسدي على الفراش، تبدأ نوبات الرعب والخوف. -الخوف من ماذا؟ -من فقدان الوعي، أن تتوقف حواسي، وأفقد إحساسي بالزمن، وبالعالم من حولي، أصبح كأني لا شيء، عالم من حولي يتحرك، أمور تتغير وتتبدل، وأنا لا أعلم شيئاً عنها، هذه الفكرة تصيبني بالجنون، حد البكاء، ثم أنام أو يغمى عليّ ربما، من كثرة القلق. صمت للحظة ثم أضاف: أتمنى لو أن هذا العالم بلا نوم، إلا أن عقلي، جسدي، يحتاجه، أما أنا فلا أرى أي حاجةٍ لي به. انتهت جلسةُ تقييمه النفسية الأخيرة، تقدمت منه الطبيبة وبدأت تنزع عن جسده مجسات جهازِ كشف الكذب، عليه الآن انتظار نتيجته النهائية، وإلى ذلك الوقت فالكثير من الأماكن في جزيرة مالطا تستحق الزيارة، خصوصاً برفقة حسناءٍ أوكرانية مثل كاترينا. بعيداً كثيراً عن أضنة، وقديماً للوراء على خط الزمن الوهمي. لكن بالنسبة لبيبرس، فكلُ شيءٍ بات يحدث في لحظة واحدة. من رواية اللحظة صفر – اقرأ الرواية من هنا Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Arabic Random Quotes
Arabic Random Quotes ماذا تعرف عن الصفر؟ December 6, 2022December 8, 2022 أضاف بلا توقف: هل تعلم أن الصفر لم يكن مستخدماً عبر تاريخ البشر كله؟ حتى… Read More
Arabic Random Quotes ترغب في السيطرة على كل حوار July 16, 2023July 16, 2023 -يا أمي، شعرت بالخجل أمامهم، انظري إلى أم فلان، لا تعيب على ولدها شيء أمامنا.-اخرس… Read More
Arabic Random Quotes مائة رجل عاشوا فيه December 6, 2022December 8, 2022 مائة رجل عاشوا فيه، بطريقة ما تمكن من استيعاب جميع التناقضات، تقمص شخصياتٍ كثيرة، وارتكب… Read More