December 6, 2022December 8, 2022 المقارنة أكمل حديثه: المقارنة، موجودة في كل شيءٍ مادي وغير مادي، عندما تقف أمام رف المكتبة لشراء كتاب حول موضوع ما، فإنك تنظر لاسم الكاتب أولاً، لتقرن جودة طرحه بشهرة كاتبه. عندما تدخل مقهىً، فإنك تنظر للناس فيه، لتقرن أهميته بأهمية الزبائن، أشكالهم، علامة لباسهم التجارية، ساعاتهم. أعرف مقهى في فيينا، لا يسمح لك الدخول إلا إن كنت ترتدي علامات لباس تجارية محددة فقط، وأسعاره باهضةً جداً، رغم أن القهوة فيه سيئة المذاق، ومع هذا فالجميع يراها قهوة ممتازة. وفي مرحلةٍ ما يمكنك المقارنة عكسياً، أي تقدر أهمية الزبائن من اسم المقهى، فهي تعمل بكلا الاتجاهين. فيمكنك تقدير حجم الجسم الكبير من الجسم الصغير، أو العكس، عقلك من يختار الإطار المرجعي المناسب بينهما حسب الصفة التي سيستند عليها بالمقارنة، حجمه، شهرته، جودته، لونه، أمورٌ كثيرة. وعقلك يقرر أيهما الإطار المرجعي بناءً على أكثرهم زخماً في ذاكرته القريبة، فلو أريتك شيئاً باللون الأصفر الآن، ثم وضعت ورقتين بيضاء وصفراء بجوار بعضهم، فسوف يتخذ عقلك الصفراء لمقارنة لون البيضاء بها. ولو أريتك اللون الأصفر طوال ساعة كاملة، ثم أريتك اللون الأبيض لثوانٍ قليلة، ثم وضعت ورقتين صفراء وبيضاء، فسوف يتخذ عقلك كذلك اللون الأصفر مرجعاً، لأنه يفضل دائما أخذ الأكثر زخماً في ذاكرته القريبة. ولكن لو أريتك اللون الأصفر طوال سنة، ثم أرحتك شهراً من رؤية الألوان، ثم أريتك الأبيض مرة واحدة، ثم وضعت الورقتين أمامك، فسوف يتخذ عقلك اللون الأبيض كمرجع، لأن اللون الأصفر قد غاص بعيداً في ذاكرته، والسبب توفير الجهد، فالبحث في الذاكرة القريبة أسهل عليه من البحث في البعيدة. حتى الأفكار يا رسلان، عندما تريد تقييم فكرة، فأنت بحاجة لفكرة أخرى لديك خلفية معرفية عنها لتقارن هذه بتلك، والمعتقدات كذلك، لتقيم جودة معتقدٍ ما، إمكانيةَ إيمانك به، لا بد من مقارنته مع معتقدات أخرى لديك خلفية عنها. فالعقل لا يمكنه إيجاد شيءٍ من العدم، هو يبني خيالاته، أفكاره، معتقداته، على أمور أخرى، لديه قاعدة بيانات عنها، يقارن، يقدر، ثم يتخيل، ويجسد. راقب أفكارك، إن قلت لك فكر بمخلوقٍ أسطوري، يستحيل أن تُوجِد شيئاً لا يشبه شيئاً رأيته أو فكرت فيه من قبل، لا بد أن يستند عقلك على قاعدة بيانات سابقة، ينطلق منها، حتى وإن كانت بقعة ضوءٍ في الفراغ، لا بد له من شيء يبني عليه ليجسد الجديد في رأسك. لهذا فنحن غير قادرون على تخيل شيءٍ أو التفكير في شيءٍ، ليس لدينا خلفيةً عنه، وهذا ينطبق على جميع الأسئلة الوجودية التي يمكنك التفكير بها، كلها لها أصلٌ في داخلك، ربما غاص بعيداً في ذاكرة البشر، لكن طالما أننا قادرون على التفكير فيها، فهذا يعني أن إجاباتها موجودة لا محالة، ويمكننا الوصول لها. ماذا يعني هذا يا رسلان؟ لم ينتظر إجابته وأكمل… هذا يعني أنه لتتمكن من تقدير أي شيء، فأنت لست بحاجة لانعكاس الضوء عنه فقط، بل لإطارٍ مرجعي كذلك، ولا يمكنك تقدير أي شيء بدونه، وأحيانا لا يمكنك رؤيته أو سماعه أو حتى تخيله بدون المرجع. أمسك عن الطاولة ورقة صفراء، قطع منها جزءاً صغيراً، وضعه فوق الكبير، لو لم ترني أفعل هذا لما اكتشفت وجود الصغيرة. فهاتان الورقتان بنفس درجة اللون، لن تراها، ليس لأنها لا تعكس الضوء، أو لأنها بلا لون، بل لعدم وجود إطارٍ مرجعي يمكن للعقل الاستناد عليه للتمييز بينهما. قام بثني الصغيرة ليبرز طرفها: لكن الآن، أصبح لديك إطار مرجعي أخر، هذا الانثناء فضح الأمر. وعدم رؤيتك لشيءٍ عند عدم وجود إطار مرجعي مناسب تستند عليه، لا يعني أنه غير موجود. ابتسم ونظر في عينيه مباشرة: تماماً كما أن عدم رؤيتك لذلك العامل الروماني على الجسر، لا تعني أنه غير موجود. من رواية اللحظة صفر – اقرأ الرواية من هنا Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Arabic Random Quotes
Arabic Random Quotes كذبة من العدم July 23, 2023July 23, 2023 أخطر ما تعلمه ألارا خلال سنوات طفولتها وشبابها، لم يكن على يد حتشبسوت، بل على… Read More
Arabic Random Quotes هل فكرت بالحتمية من قبل؟ December 6, 2022December 11, 2022 هل فكرت بالحتمية من قبل؟ أكمل ولم ينتظر سماع الجواب: فيما مضى كان البشر يعتقدون… Read More
Arabic Random Quotes سؤال تعارف تقليدي December 6, 2022December 8, 2022 -ما الذي تتمناه من هذه الدنيا؟ -أن يكون لدي خزانةُ ملابس في أول لقاءٍ له… Read More