March 16, 2023March 16, 2023 الفصل الثالث عشر. البقرة المرشد في ظهيرةِ ذلك اليوم، كان الراعي يقف على باب منزِل الأم المكلومة.. يا أختي، بقرتك بحاجةٍ لمن يرعاها، أعطني إياها، أجعلها عندي بعض الوقت، سأحلبها، وأبيع حليبها، وأتي لك بثمنه، مقابل نسبةٍ من الأرباح، إلى حين عودة ابنك. وهذا ثمنُ حليبها لأسبوعٍ مقدماً، لأثبت صدقي وحسن نيتي، وهذا فلانٌ من الناس يكفلني، وإن أردت تركت لك ثمنها رهناً. ولسان حاله يقول، أي شيء تريديه يا امرأة ستحصلين عليه، أي شيء، المهم إعطائي هذه الدابة، فقد أقسم ذلك المجنون باسل أن يعلقني رأساً على عقب ويسلخ جلدي عن عظمي إن لم أرجع له بالبقرة. في المساء، كان الرائد باسل يمشي في البرية يحمل حقيبةَ ترحالٍ على ظهره، وبندقيةَ صيد، ممسكاً حبلاً يجر خلفه بقرة، نام ليلته في خيمته في سفح إحدى الجبال، بجواره بندقية الصيد، ملقمة وجاهزة للإطلاق، ففي هذه البراري حيوانٌ واحد عليك أن تبقى منتبهاً وخائفاً منه طوال الوقت، الخنزير البري، إن هاجمك أحدهم، لا يكفي مخزنَ رصاصٍ كاملٍ لإيقافه، فجلده الثخين، المغطى بطبقاتٍ وطبقاتٍ من الشحم والدهن، يمنع الرصاص من اختراقه والوصول لأي أعضاءٍ حيوية، لهذا ففي المذابح فإنهم يذبحون الخنازير بضربها أو صعقها على رؤوسها، لذلك لابد أن تكون متيقظاً دائماً. في الصباح الباكر، حل حبلها، وتركها تمضي وحيدة، يراقبها من بعيد، فالحيوانات تعود دوماً للأماكن التي اعتادت عليها، وهذه البقرة لابد وأنها ستبدأ بالذهاب إلى نفس المراعي والأماكن التي كان يأخذها وليد لها، وقد يصدف أن يكون مختبئاً في إحداها أو قريباً منه. على الأقل إن رآها، ولم يرى أحداً بجوارها، قد يهرع إليها، سيفكر لا محالة أنها حلت رباطها على حينِ غفلةٍ من الأم، ثم غادرت الزريبة، وذهبت ترعى نفسها بنفسها. ولسخرية القدر تذكر ليلته الأخيرة في أحضان نورهان، لقد استهزأ بالعناصر، وأقسم أنهم سيراقبونها حتى الصباح، وها هو يراقبها، بل ويمضي خلفها، تقوده أينما أرادت. توقفت البقرة في مرعىً ليس بعيداً عن القرية، من المستبعد أن يكون وليد مختبئاً هنا، ولكن ما باليد حيلة، فالبقرةُ الآن هي القائد، وهي من تقرر أين يذهبون، وكم يمكثون. فكر بها وهو يراقبها، البقرة القائد! لم تستحق هذا المنصب إلا لأنها تعلم أسراراً هو لا يعلمها، فلو كان يعرف مكان الفتى، فما كان له حاجة بها. وهكذا كثيرٌ من القادة وأصحاب الشأن، كالبقر يسرحون ويمرحون حيث يريدون، ويقودون البلاد والعباد إلى حيث تقودهم رغباتهم، مجرد رغباتٍ وشهواتٍ شخصيةٍ سخيفة، فقد دارت حروبٌ وقتلُ بشرٍ عبر التاريخ لا لشيء إلا لأن القائد قد قادته شهوته لحب امرأة أرادها، أو لغنيمة طمع بها. واليوم، في كثير من الدول العربية، يُلبسون شهوة القائد عباءة الوطن، فتصبح كل رغباته وشهواته صمامَ أمانٍ للوطن والمواطن، فهي ذاتَ أبعادٍ لا يعلمها المواطنين البسطاء، وفيها حِكمةً يجهلونها، ولا بد من العمل على تحقيقها له، حتى يبقى الوطنُ متماسكاً، ومتحداً، في وجه المؤامرات الداخلية والخارجية، تلك التي تعصف بالأمن والأمان، ومستقبل الوطن والرعية. وفي بعض الأحيان لا يكون لدى القائد أيةَ أسرارٍ، ولكنه يصر على إرهاب الأتباع، من خلال إقناعهم أن هناك أسرارٌ في هذه الدنيا هم لا يعرفونها، ولا يمكنهم التعامل معها، مثل المؤامرات الخارجية، والتحديات المصيرية، فيخلق عندهم حالةً من الخوف من ذهابه، ويعزز هذا من خلال السيطرة على المال، الذي يمكنه من شراء الولاءات، وإرضاء الجند، ليبقوا أدواته في قمع غالبية الشعب. وامتلاكه للمؤسسات والمال والسلطة، يجعله يمتلك كثيراً من أدوات الاستقرار، وهذا يجعله تلقائياً يمتلك الكثير من أدوات إثارة الفوضى، يمكنه إثارتها متى أراد، إن أحسَ بعلاماتِ تمردٍ على الحال التي وصل إليها الوطن. فهو على سبيل المثال، يمتلك جهاز الأمن، وكل ما يلزم إثارة الفوضى هو إصدارُ أمرٍ بالتوقف عن ملاحقة المجرمين، القتلة، السارقين، مثيري الخوف وقطاع الطرق، عندها سيركع الجميع تحت قدمه، متوسلين إياه أن يتصرف حيال هذا الوضع الذي تسببوا هم به، نتيجة ضعفِ بصيرتهم، وقلة درايتهم، في خطورة وتعقيدات إدارة الدول. سماه القدماء، بالتدليس والتلبيس، وهو أن تجعلَ من مصلحةٍ شخصية قضيةَ مجتمعٍ بأكمله، ثم ترهب الجميع بأن زوال هذه المصلحة أو عدم تحقيقها، سيتسبب بضياعهم. أشغل وقته بالتفكير في خطته، أسلوبُ بائعِ التمر مع الزبائن، سيجعل لوليد حرية العودة من عدمها، وسيكسب ثقته، بصفته صياد وجده صدفةً في البرية، ثم بطريقةٍ ما، سيؤثر عليه ليتشجع للعودة إلى بيته، سيبتكر فكرةً في حينها، على كل حال، فلديه الكثير من الوقت كما يبدو لابتكار الكثير من الأفكار، فهذه البقرة ليست على عجلةٍ من أمرها. اقترب مغيبُ الشمس، ولم تبرح البقرة المرعى، ثم بدأت تتحرك، مشى خلفها، وسرعان ما اكتشف أنها عائدةٌ إلى القرية! بالتأكيد ذاهبةً للنوم في زريبتها، تباً لها، تمنى لو يتمكن من تهديدها بشيءٍ مثل سأعلقك رأس على عقب، أو سأسلخ جلدك عن لحمك، علها تطيعه وتعود أدراجها إلى المراعي. لا مناصَ إلا من التدخل، ركض خلفها، وأمسك الحبل، وقادها بعيداً، حاول تركها تختار أي طريقٍ تريد، شرطَ عدم العودة إلى القرية، توغل في الغابات أكثر، ثم نام ليلته بين الأشجار، وربطها بجوار الخيمة. في الصباح، تركها وشأنها، لم تتوقف في أي مكان، استمرت بالمضي قدماً، مبتعدة، متوغلةً بين الغابات والجبال، تتوقف حيناً لقضم بعض الأعشاب، ثم تكمل طريقها، وبعد أربعِ ساعات توقفت واستدارت إلى اليمين، ومضت في طريقٍ ترابي مخفيٍ بين الأشجار، صعدت تلةً ليس سهلاً على أي بقرةٍ أن تصعدها ما لم تكن تحفظها عن ظهرِ قلب، أحس الرائد بالفتى قريباً منه، وكأن البقرة ذاهبةً إليه، أو إلى مكانٍ اعتادوا الجلوسَ فيه، وبعد قليلٍ نزلت التلة، باتجاه نبعِ ماء، وبدأت تشرب. وقف أعلى التلة، يراقبُ بخفيةٍ، ثم فجأةً بدأت البقرة تخورُ بصوتٍ مرتفع، وما هي الا لحظاتٍ، حتى شاهد فتىً يخرج من إحدى الكهوف في الجبل، يتلفت حوله في كل مكان، خائفاً مذهولاً. إنه هو لا محالة، تماماً كما في صوره، ولا عجب أنه ما زال هنا لم يعد للمنزل، فالماء العذبُ بجواره، ونبع الماء مخفيٌ بين الغابات والجبال، وعلى مسيرة ساعات من الكروم، حيث يمكنه التسلل لها وأخذِ ما يشاء من الفاكهة، ثم فإنه خبيرٌ بالبرية، يعلم كيف يصطاد بلا بندقية، ولن يموت فيها من نقصِ الغذاء بسهولة. تقدم وليد منها، يتلصص بحذر، تباً لك من بقرة! ألم تكتفِ مما فعلته؟ هل هم خلفك؟ هل تدلينهم على مكاني الآن؟ يا نقاشة التقارير! ضحك وهو يمسك حبلها، ربطها إلى شجرةٍ، وأحضر وعاءً متسخاً اكله الصدأ من جوارِ النبع، غسله بالماء قدر المستطاع، ثم أشعل النار، وبدأ يحلب من حليبها. -لا تغضبي يا عزيزتي، أعلم أنك مجردَ بقرة، إلا أنني لا أستطيع فهم كيف تمكنوا من سماعنا! أو ربما أنهم يريدونني لشيء أخر، في كلتا الحالتين، فأنت بريئةً من التهمة. ولكن كيف أتيتي! هل اشتقت لي، أنا كذلك اشتقت لك ولحليبك. فكر، بالتأكيد نسيت أمي أن تشدَ وثاقها، فهي لا تعرف في أمور البقر شيئاً إلا حلبها، وهذا ممكنٌ ففي الأمس ذهب إلى القريةِ في وقتٍ متأخرٍ من الليل، اطمئن على أن أمه في المنزل بخير، ثم عاد أدراجه، لم يتجرأ على الاقتراب من المنزل، الذي قد يكون مراقباً، رغم عدم وجود أي أثارٍ لأيةِ عناصرَ أمنية! في طريقِ العودة، قام بقطفِ ما تمكن من حمله من الفاكهة. وليس هذا فقط، فليلة الأمس كانت ليلةً استثنائية، تباً للعجوز ولغصنه، مشكلتي الآن أكبرَ منهما، صعد شجرةَ التوت، وكسر ذلك الغصن اللعين. الخوفُ طبيعةٌ في البشر، والشر، الخير، الانتقام، كلها طبائعٌ، وأغلبُ الناس يودون العيش بسلامٍ مطمئنين، بعيدين عن المشاكل، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يودون افتعالها، ربما بلا سببٍ، سوى لرغبتهم بافتعالها فقط، أو ربما بذريعة الانتقام من ظُلمٍ وقع عليهم، إلا أن التزامهم وخوفهم من العواقب يمنعهم. وكل ما يحتاجه الأمر، هو أن يشعروا أن عواقب انتقامهم هذا، ستكون لا شيءَ يُذكر، أمام عاقبةِ فعلٍ فعلوه تواً، عندها سيسابقون الزمن، لفعل كل ما تمنوا فعله سابقاً، فمن ذا الذي يهتم الآن بغصن العجوز وأنا الذي تآمرت على أمن الوطن وسيادته وسيده، مع تلك البقرة. حتى العقل الجماعي للشعوب، يعملُ بنفسِ الطريقة، كل ما يحتاجه الأمر هو أن يشعروا أنهم وقعوا في مشكلة كبيرة، عقابها وخيمٌ جداً، لترى منهم العجب العجاب، وليفعلوا ما لم تكن تتوقع منهم فعله! مثلاً، إن أرهبت الناس من أيِ فعلٍ أو قولٍ من شأنهِ الانتقاص من السيد الرئيس، وجعلت هذا مصيبةً وكارثةً كبرى قد يُسجن المرء طوال حياته عقاباً لها، وربما يفقد حياته بسببها، فماذا سيحدث إن شتمه أحدهم في لحظةِ غضبٍ عابرةٍ، وهرب؟! وماذا سيحدث إن تطاول عليه جمعٌ كبيرٌ من الناس في لحظةِ غضبٍ جماعية؟ فقد وقعوا عندها بفعلٍ يستحقون عليه أعظمَ عقاب، ولن يترددوا بعدها عن فعلِ كلِ شيءِ دونه، سيحملون السلاح، ويقتلون الجنود، ويدافعون عن أنفسهم، ويهاجمون مخافرَ الشرطة، ومراكزَ الدولة، فهم ميتون بكل الأحول فقد ارتكبوا أعظمَ جريمة، لقد شتموا سيادته، فماذا بقي ليخافوا عليه؟! فكل ما يلزمه الأمر هو شرارةً صغيرة، تجعلُ عدداً كبيراً من الناس يرتكبون أسهلَ جريمة، ويستحقون عليها أعظم عقاب. فإن كان السجن المؤبد والعذاب والإعدام، مقابل تخطيطِ أحدهم لعمل تفجيٍر وقتلِ عشرات المدنيين، فهذا قد يكون مقبولاً، لأنه ليس من السهل على الناس في حياتهم العادية، وفي لحظاتِ غضبهم، أن يقوموا بفعله اصلاً، فهو أمرُ يحتاج إلى نوايا مُبيتة، وتدريبٍ وتخطيطٍ وتجهيزٍ، ووقت كافي. ولكن في سوريا فالحالُ مختلف، فبعض الجرائم التي ستنال عليها هذا العقاب، الجميع معرضٌ لارتكابها عفوياً، بلا قصد، في لحظةِ غضب، فقد تخرجُ من بيتك في الصباح، ولا تعود إليه ابداً، تختفي ببساطة، ويتم إيداعك في أحد المعتقلات، بعد تغيير اسمك في سجلات الاعتقال، لن يتعرف عليك أحد، ولو سأل عنك من سأل، فلن يجد لك أثر، والسبب، هو لحظةُ غضبٍ عابرة غير متوقعه، فقدت بها السيطرةَ على لسانك. وهذا خللٌ في كل نظامٍ دكتاتوري، حيث أنه يُسقط أشدَ عقوبةٍ على فعلٍ قد يفعله الإنسان بل وسيفعله لا محالة يوماً ما، حتى لو في لحظةِ غضبٍ عابرة! عندها سيتكسر حاجزُ الخوفِ من العقاب، فهو ميتٌ لا محالة، وسيفعل كل ممنوعٍ اخر. ورغم هذا الخلل، فإن هذه السياسية يمكن التعاملَ مع نتائجها، طالما أن الدولة مغلقةٌ على نفسها، فلا إعلام فيها إلا إعلام الحزب، ويمنع على وسائل الإعلام الأجنبية العملَ بحرية، فعندما يحدث أن يخرج الأمرُ عن السيطرة في مدينةٍ مثل حماة، فلن يجد النظام الحاكم أي مشكلةٍ في إغلاقها بالكامل، ثم قتل 30 أو 70 أو مائةَ ألفٍ من البشر، وكلَ من تورط وشتم سيادته، ففي الخارج سيسمعون إشاعاتٍ وأقاويل، بلا فيديوهاتٍ، ولا تسجيلات، ولا دلائلَ مثبتة، وحتى وإن وصلت فستصل متأخرةً جداً، ولن يصل منها إلا القدرَ الضئيل. إذاً تخيل، مجزرةَ حماة قتل فيها ثلاثون ألفاً، فهذا هو الفتات الذي تمكن من الإفلات، وما خفيَ أعظم. بينما اليوم، فيوجدُ بوادرَ تغيرٍ في الظروفِ المحيطة، فالنظام الدكتاتوري في سوريا، بدأ يخسرُ أهم نقاطِ قوته، رغماً عنه، فالتطور التقني، والتقدم البشري، ماضٍ حوله في كل مكان، خصوصاً في مجال الاتصالات، ورغم كل محاولاته لإبقاء سوريا معزولةً بالقدر الكافي، من خلالِ منع بعض أنواع الأجهزة والتقنيات من الدخول لها، وضمانِ عدم تواجدها في أيدي الناس، إلا أنه لابد وأن يعصف فيها عصر التكنولوجيا رغماً عنه يوماً. ومن يعلم، ربما بعد بضع سنين، يصبحُ بيد كل مواطنٍ، كاميرا، وهاتف، وطريقةً لإيصال صوته للعالم! بل وتسجيل ما يحدث لحظةً بلحظة على الهواءِ مباشرةً! عندها إن فكر النظام أن الحل هو بفعل ما فعله في حماة، وعزل المدن، وارتكاب المجازر في صمت، فسيكون قد وقع في أكبر خطأٍ قد يقع به على الإطلاق، فالزمان غير الزمان. ولكن في عرف الأنظمة الدكتاتورية، فإنهم عندما يواجهون مشكلة، سبق لهم أن واجهوا مثلها، ونجحوا في حلها، فأول ما سيفعلونه هو تكرار نفس الحل، حتى إن كان قتل مائةَ ألفِ مدنيٍ، وسيأملون الحصول على نفس النتيجة، وفي نفس الوقت. انتظر الرائد ساعةً كاملة، حرص خلالها على ألا يغيب الفتى عن عينيه، ثم نهض وهبط التلة إليه. من بعيد شاهده وليد، وقد بدا عليه معالمَ الخوفِ والارتباك باسل: مرحباً، هل يمكنني شرب الماء؟ وليد: إنه نبعٌ في البرية، الماءُ ملكُ الجميع تقدم للنبع، وبعد أن شرب الماء التفت إليه، أدرك لتوه أن الفتى قد ازداد ريبةً منه، وخوفاً، وقلقاً، فهذه النظرة في عينيه يعرفها جيداً، ليست نظرةُ خوفٍ من غريبٍ التقاه في البرية بلا سابقِ إنذار، بل نظرةُ خوفِ مواطنٍ سوريٍ من مواطنٍ علوي. فلهجة أبناء الطائفة العلوية مختلفةٌ تماماً عن أي لهجةٍ أخرى في العالم العربي كله، مميزة، ومن المستحيل على شابٍ مثل وليد، من أبناء ريف اللاذقية، ألا يكون قد عرف أن باسل علوي بمجرد أن ألقى عليه التحية. -ما بك يا فتى؟ لمَ أنت خائف؟ وليد صامتٌ ينظر إليه تارةً وإلى البندقيةِ تارةً أخرى -لا تخف، ألم تعتد وجود علوي من قبل في هذه البرية؟ وليد: لا، هذه المرة الأولى، إنها بعيدةٌ عن قراكم -أعلم، ولكنه وطنٌ واحد، ويمكن للجميع الذهاب حيث يريدون التفت إلى البقرة: هل هي بقرتك؟ -نعم، أرعاها هنا باستمرار بدأ يفكر بأن الحوار بينهم فيه الكثير من الجمود، الغلامٌ غيرَ مرتاحٍ له، ومتيقظٌ جداً، وهذه أول مرةٍ في حياته يحاول التودد بها لإنسان، تباً ما الذي ينبغي فعله! تذكر بائعَ التمر، والجراب، الناس يبادلون الثقة بالإحسان، وعينا وليد لا تنظران إلى شيءٍ بقدر البندقية، أنه خائفٌ، ولا بد من منحهِ إحساساً بالثقة. أزاح البندقيةَ عن ظهره، ووضعها بجوار الصخور، ثم ابتعد عنها، وأنزل حقيبته، وبدأ يخرج القدر، وأدوات الطعام: هل ستشاركني غدائي؟ -نعم، لمَ لا قالها وقد بدا مرتاحاً نوعا ما، بدأ بجمع الحطب، وإشعال النار، في حين همّ باسل بإفراغ محتويات حقيبته، ومن بين الأغراض أخرج كأسان للمته وقصبتان. شاهدهما وليد وبادره بالسؤال: ما حاجةُ صيادٍ يصطاد لوحده في البرية للكأسِ الثاني؟ تباً يا له من سؤالٍ مباغت، ففي أثناء تجهيزه للخطة، بالطبع كانت المته جزءاً اساسياً منها، فما الذي قد يزيح الجليد بين اثنان في اللاذقية مثلَ جلسةِ متهٍ تقليدية؟! اشترى كأسين وقصبتين، واحدٌ له وواحدٌ لوليد، ولكن كما يبدو فعقلُ رجل المخابرات حديثُ الولادة في رأسه، ما زال بحاجةٍ للمزيدِ من التدريب. رد عليه بلا تردد: ماذا لو انكسر إحداهما، الثاني احتياط. أدرك لتوه أن وليد ربما ليس بدقيقِ الملاحظة بالضرورة، إلا أنه هو الذي مازال بحاجةٍ للمزيد من التدريب والفطنة، كان عليه أن ينتبه لهذا. سأل الله ألا يكونَ قد أخطأَ في أشياءٍ أخرى، وبدأ يفكر سريعاً، انتبه أنه أحضرَ طعاماً يكفي لشخصين لأيام، ولكن ليس بالضرورة أن يلاحظَ الفتى هذا، فكمية الطعام قد تكون للمكوث أيامٍ أطول. بينما وليد فإنه قد لاحظ كمية الطعام، ولم يسأل، فيمكن لهذا الغريب أن يجدَ ألفَ مبرر. إلا أن عقله، كان مشغولاً طوال الوقت، بعلامةٍ أخرى لا يمكن تجاهلها، ولا يمكن تبريرها Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print The Sect – Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل السادس. البقرة كاتبة التقارير March 16, 2023March 16, 2023 -الحمد لله، قطاف هذا العام وفير، ولدي بعض المال، فلابد من الاستثمار -ما الذي تنوين… Read More الفصل الواحد والعشرون. الطائفة الإلكترونية March 16, 2023March 16, 2023 استمع وليد بكل حماسةٍ للكلمة الصوتية الجديدة للشيخ القائد، لقد تم بثها قبل قليلٍ عبر… Read More الفصل الثامن. مفاجئة غير متوقعة March 16, 2023March 16, 2023 استشاط الرائد باسل غضباً، يصرخ عبر جهاز اللاسلكي، ويشتم فريق الاعتقال: كيف هرب منكم؟ تباً… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل السادس. البقرة كاتبة التقارير March 16, 2023March 16, 2023 -الحمد لله، قطاف هذا العام وفير، ولدي بعض المال، فلابد من الاستثمار -ما الذي تنوين… Read More
الفصل الواحد والعشرون. الطائفة الإلكترونية March 16, 2023March 16, 2023 استمع وليد بكل حماسةٍ للكلمة الصوتية الجديدة للشيخ القائد، لقد تم بثها قبل قليلٍ عبر… Read More
الفصل الثامن. مفاجئة غير متوقعة March 16, 2023March 16, 2023 استشاط الرائد باسل غضباً، يصرخ عبر جهاز اللاسلكي، ويشتم فريق الاعتقال: كيف هرب منكم؟ تباً… Read More