في مبنى فرع المخابرات الجوية في اللاذقية، أغلق الرائد باسل سماعةَ الهاتف، أمسك هاتفاً أخر، اتصل على مكتب السكرتيرة
-هل وصل؟
-نعم يا سيدي، إنه هنا ينتظر
-حسناً، أدخليه
رجلٌ يرتدي ثوباً بدوياً، لف رأسه بكوفية صفراء فاتح لونها، مطرزة بخيوط سوداء، ملامحه قاسية، ورائحته نتنة.
ما أن دخل المكتب حتى أشار له بالتوقف، وبنظرة ازدراء، وحركةً بالأنف أبدى بها امتعاضه، قال له: ابقى بعيداً، لا تقترب أكثر.
الرجل: حسناً سيدي
الرائد: تباً لك، تتعاون معنا منذ أعوام، ولم ألقاك يوماً إلا ورائحتك نتنة، متى سوف تستحم يا رجل!
الرجل بتذلل: متى أمرت يا سيدي
-ما اسم الفتى؟
-وليد، عمره ستة عشر عاماً، يعيش في القرية مع أمه، وأبيه معتقل سياسي
-أين هو معتقل؟
-لا أعلم، ولكنه معتقلاً منذ أعوام، هذا كل ما عرفته عندما تقصيت أخباره
-حسناً ما الذي حدث بالضبط؟
-كنت يا سيدي أرعى أغنامي، وأردت تلبية نداء الطبيعة، دخلت بين الأشجار، ابتعدت قليلاً، ثم سمعت صوتاً يتحدث، ثار فضولي حين سمعت اسم السيد الرئيس حفظه الله، فتقدمت خلسةً، فرأيت الشاب يتحدث عن خططٍ لإثارة الفوضى في البلد، والانقلاب على النظام.
-من كان معه؟
صمت الراعي، تردد وأطرق رأسه للأرض، تلعثم ….
-ما بك؟ سألتك من كان معه؟
-لا أحد يا سيدي، لم يكن بجواره إلا بقرة
أشعل لفافة تبغٍ، ونظر له بحزم: متأكد؟ بقرة؟ ماذا لو كان شخصٌ أخر بين الأشجار؟
-لا يا سيدي، لم يكن من أحد إلا هو والبقرة
أخذ نفساً أخر من سيجارته، نظر إلى السكرتيرة، وأشار لها بيده أن اصرفيه من هنا.
الراعي: سيدي، ألن تعطيني أي مكافأة؟
-بالطبع، ستتولى السيدة هذا الأمر، هيا اغرب عن وجهي
رفع سماعة الهاتف، اتصل على شخصٍ ما،
استعدوا، فلديكم مهمة اعتقال فتىً، وبقرة