March 16, 2023March 16, 2023 الفصل الواحد والعشرون. الطائفة الإلكترونية استمع وليد بكل حماسةٍ للكلمة الصوتية الجديدة للشيخ القائد، لقد تم بثها قبل قليلٍ عبر الإنترنت، وبدأ يكتب تقريره حول ردود الفعل عليها. توعد بها الزعيم، بضرب جميع الكفار على أرض العراق، والذي شاءت الأقدار أن يكون هؤلاء الكفار هم أنفسهم من كانوا بالأمس، حلفاء المقاومة، قبل أن تنقلب عليهم الطائفة، لرفضهم التبعيةَ لها، ولتسمكهم بثوابت الدين، والمقاومة، ورفضهم الانحراف والفكر المنحرف، فأصبحوا هدفها الأول. في عام 2006، كاتب التقارير قد ارتقى بالمناصب، فقد بات كاتبَ تقاريرٍ دولية، متابعاً لأحداث العراق، يكتب التقارير الأمنية المفصلة من هناك. في نفس الوقت بدأت الطائفة النقية تنشط بصورةٍ أكبر عبر شبكة التواصل الاجتماعي، عبر مواقع إلكترونية ومنصاتٍ حوارية مغلقة، لا بد للمنتسب لها أن يخضع لسلسلةٍ من الاختبارات الفكرية، التي يثبت بها انتمائه للفكر التكفيري. باتت بمثابة الإنترنت المظلم، للطائفة النقية. فريق المزرعة، يلعب بالنار، يُسهل بث أفكارٍ لا يمكنه السيطرة عليها، ولا على نتائجها، ولا بد يوماً أن تطاله نارها، لذلك لا مناصَ من العمل على ضبط هذه الجماعة، بكل الوسائل المتاحة، ومن بينها، العالم الافتراضي. العديد من كاتبي التقارير، تم انتدابهم للتواجد في هذه المواقع، لمتابعةِ كل كلمة تقال، ومحاولة اكتشاف قائلها، من بينهم شخص لقب نفسه باسم “المقاتل الشامي”، الاسم المستعار لوليد. رن هاتفه، المتصل، باسل…. -مرحباً يا صديقي، كيف حالك -أهلاً سيدي، هل علمت بالمستجدات؟ -ما هي؟ -شيخ الطائفة قام بإصدار كلمةٍ صوتيةٍ جديدةٍ، قبل قليل -لا، لم أسمع شيء، أرسل لي تقريراً مفصلاً بجميع ما جاء فيها -أنا أعمل عليه، بمجرد أن أنتهي أُرسله لك -وليد أريدك لأمرٍ هام، هل تتابع أخبار قناص الرافدين؟ -نعم سيدي -ركز عليه هذه الفترة، حاول معرفةَ أي معلومات، حدد هويته الشخصية إن تمكنت، وستتم مكافئتك جيداً. في العراق سطع اسم قناص الرافدين، قناصٌ محترف، لا أحد يعرف اسمه ولا شكله، أصبح مصدر قلقٍ للجيش الأمريكي، فهو يستهدف في كل مرة جندي واحد، طلقة واحدة بالرأس، ثم يختفي بلا أي أثر! تاركاً خلفه رصاصةً واحدة فارغة. والأهم أنه أصبح مصدر قلقٍ للطائفة التكفيرية، وللشيخ القائد، ولباسل، فقد تسببت شهرته، بالتفاف الكثير من المقاتلين حول جماعات غير الجماعة التكفيرية، أصبح أيقونةً للمقاومة العراقية. ومؤخراً بدأ العمل على تفكيك هذه الجماعات كلها، على يد الطائفة التكفيرية، بدأت تفتعل الذرائع لتقاتلهم، وتنهي وجودهم، والتنسيق حالياً على أعلى المستويات لضرورة مطاردة قناص الرافدين، وقتله، فطالما هو على قيد الحياة، فمن الممكن أن يتسبب بلخبطة الأوراق، إن قرر الإعلان عن جماعةِ مقاومةٍ جديدة يترأسها مثلاً! أيقونةٌ مثل هذه، لا يجب أن تبقى على قيد الحياة، حتى إن تفككت الجماعة التي يعملها معها، وأي جماعةٍ أخرى من الممكن له الانضمام إلى صفوفها، فوجوده خطرٌ على الجميع، على التكفيريين، الأمريكان، إيران، الكل يريد التخلص منه. في العراق تطارده القوات الأمريكية، يتولى المهمة ضابطٌ أمريكي يطلق عليه المطرقة، أقسمَ أن يلقي القبض عليه مهما كلفه الأمر، ومازال يحاول، وكذلك تفعل الطائفة، وكذلك يفعل باسل، فلا أحد يريده على قيد الحياة، هي محرمةٌ عليه، عاش غريباً، وسيموت غريباً، ولكن أولاً، لا بد من معرفة هويته. بعد يومين، فكرةٌ طرأت في رأس وليد.. اتصلَ على باسل -مرحباً سيدي، هل تتذكر ذلك الرجل الذي قابلته في سوق الحميدية؟ -من منهم؟ -همام -نعم، ما به؟ -في ذلك اليوم قال شيئاً عن الأبطال، قال إن العراق بحاجةٍ لأيقونةٍ يلتف الناس حولها! على غرار أبطال الأفلام الهوليودية، فما هي فرصة أن يكون على علمٍ بشيء عنه؟ -نعم أذكر تقريرك… تردد للحظات ثم أضاف: لا أعلم، ولكننا فقدنا أثره، كان من المفترض أن يعود مرةً أخرى ولم يفعل! قبل عامٍ تقريباً، تعرف وليد عبر شبكة الإنترنت، على شخص أطلق على نفسه اسم “همام”، قدم نفسه بصفته متبرعٍ بالمال، في حين كان وليد باسمه المستعار “المقاتل الشامي” يقدم نفسه على أنه على علاقة بالمقاتلين في العراق، من أتباع الطائفة التكفيرية، ويمكنه إيصال أي دعمٍ لها، وهذا هو الحال بالفعل، فقد قابل العديد من الرجال، قدموا خصيصاً إلى دمشق، من أتباع فكر الطائفة، بعضهم استلم منه تبرعات، وبعضهم سهل لهم مهمة دخولهم إلى العراق للقتال، بالتنسيق مع باسل الذي ينسق بدوره مع الشيخ سليمان، ويراقبهم جميعاً، ونشاطاتهم. في يوم 19-4-2005، المكان، المدخل الرئيسي لسوق الحميدية، يقف وليد يرتدي اللباس المتفق عليه، قميصٌ أسود، مطرزٌ بخطوط حمراء، ونظارة وقبعة سوداء، ينتظر قدوم المتبرع، حين ناداه صوتٌ من خلفه مباشرة.. -مرحباً، هل لديك ولاعةُ سجائر؟ التفت المقاتل الشامي بحماس، ليجد نفسه أمام شابٍ في مثل عمره تقريباً، قوي البنية، طويل القامة، أبيض البشرة، أصلع الرأس، لحيةٌ خفيفة، أسود العينين، نظراته لا شيء فيها، إلا الفراغ. -نعم تفضل أخرج من جيبه ولاعة سجائر لونها أخضر -هل لديك واحدة صفراء؟ -لدي الكثير من الألوان، ولكنني أفضل الأخضر ابتسم الرجل: أهلاً بك، إنه شرف لي أن ألقاك اليوم المقاتل الشامي: أهلا بك أخي همام، ترقبت لقاءك منذ وقت تمشوا في أزقة دمشق القديمة، بعد هذا الحوار السريع المتفق عليه سلفاً للتعارف. بدى همام مطمئناً مرتاحاً، غير قلقٍ من أي شيء، هادئاً غير متوتر، واثقاً من نفسه، تحدث لوليد عن الكثير من الأشياء في العراق، جماعات المقاومة، مستقبلها، توقعاته بهذا الخصوص، حتى إنه قال له، أن العراق بحاجة لأيقونة، على غرار الأفلام الهوليودية، بطلٌ خارق، لا يمكن قتله أو المساس به، شخص يمنح الأمل للناس، يتبعوه، ويحبوه. وبعد نصف ساعة من المشي في أزقة الشام القديمة، والحديث، سلمه مبلغاً من المال، ثم انصرف في حال سبيله. شيء واحد أثار حفيظة وليد تجاهه، فقد بدى الرجل مطلعاً على أدق التفاصيل، ويعلم الكثير من الأشياء، وعلى علاقةٍ مع الكثير من الجماعات في العراق! فلمَ يريده أصلاً أن يوصل المال إلى هناك، فإما أنه يكذب، أو أن هناك شيئاً مريباً بخصوصه. قدم تقريره كالمعتاد. أما باسل، فقد كان يراقب كل شيء، فأضاف للتقرير جميع صور المراقبة التي التقطها عملاؤه للغريب في ذلك اليوم، وصورةً عن جواز سفره، حصل عليها من المطار، فما لا يعلمه وليد، أن همام، بمجرد أن تركه، توجه إلى مطار دمشق الدولي مباشرةً، وغادر البلاد. شيءٌ أخر أثار حفيظة باسل، لقد وصل إلى سوريا، قبل لقاءه وليد بساعات، توجه من المطار إلى سوق الحميدية مباشرة، جلس مع وليد نصف ساعة، ثم عاد أدراجه من حيث أتى! إلى مصر، القاهرة …. بعدها بأيام تواصل همام مع المقاتل الشامي إلكترونياً، وأخبره أنه سيتغيب لبعض الوقت، فوضعه الأمني صعب، وهناك جهاتٌ تحاول معرفة من يكون. اتفق معه على نفس الشيفرة السرية التي استخدموها في سوق الحميدية، للتعارف عند عودته باسم جديد. توتر وليد يومها، خشي أن يكون قد فُضح أمره، اتصل بباسل، فطمئنه الأخير ألا تقلق، فهو لا يشك بك، تركناه يدخل البلد، ويقابلك ويسلمك المال، ثم غادر، دون أن يتعرض له أحد. منذ ذلك اليوم، طوال عامٍ كامل، ووليد يشعر أن هناك شيءٌ غريبٌ حوله، وحتى شيءٌ يربط بينه وبين قناص الرافدين، فبعد لقاءهم هذا، سطع اسم القناص، وتحققت نبوءة همام لما تحتاجه المقاومة العراقية. أما باسل، فقد أعياه البحث، لم يجد له أي أثر، حتى جواز سفره الذي أشار إلى أنه مواطنٌ لدولةٍ عربية أخرى، ثبت أنه مزور، بصورةٍ يصعب كشفها. تم إبلاغ السلطات المصرية عنه، وتزويدهم بصور المراقبة، وصورة عن جواز سفره، ولم تأتي أبحاثهم بأية نتائجَ إيجابية، وكأنه شبحٌ اختفى بلا أثر. كان بين أيدينا وتركناه، لم نكن نعلم أهميته وقتها، ورغم عدم وجود أي دلائل على أنه ذو أهميةٍ حتى الآن، إلا أن أسلوبه في التنقل، جواز سفر مزور، الغموض الذي يلفه! كل شيء يقول إنه رجل مهم، والمؤلم أنه كان بين أيدينا بالفعل، وأفلت ببساطة، سافر أمام أعيننا، لم نوقفه! ظنناه سيعود، وسنتمكن من مراقبته لمعرفة أي علاقات أخرى له في سوريا. بهذا برر باسل موقفه أمام رؤسائه في المخابرات الجوية، وقد كان محقاً، فمن أين له أن يعلم أن هذا الغريب سيختفي للأبد! ولن يستفيد منه في شيء إلا بضع آلاف الدولارات التي قدمها كتبرع للطائفة! حسناً، طلب باسل معرفة أي شيءٍ عن القناص، لقد اختفى تماماً، لا يوجد أي أخبار عنه! أن كان همام يعرف شيئاً فلا بد من إيجاده… طوال أسابيع تلتها، استمر “المقاتل الشامي” بالبحث عن همام، يسأل عنه، نشر أكثرَ من منشورٍ في مجتمعاتهم السرية، يطلب من همام التواصل معه إن كان يرى منشوره هذا، دون أي أثر له. انتهى لتوه من إحدى صديقاته، غادر السرير، توجه إلى غرفة المكتب، قام بتشغيل جهاز الحاسوب، دخل إلى أحد مواقع الإنترنت الخاصة بالطائفة التكفيرية، في أعلى الشاشة إلى اليسار، ظهر تنبيه. رسالةٌ خاصة جديدة ضغط على الرابط، انتقل إلى صندوق الرسائل الواردة الخاص به… عدد المراسلات الغير مقروءة: 1 العنوان: هل لديك ولاعة صفراء؟ المرسل: بيبرس Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print The Sect – Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل السادس. البقرة كاتبة التقارير March 16, 2023March 16, 2023 -الحمد لله، قطاف هذا العام وفير، ولدي بعض المال، فلابد من الاستثمار -ما الذي تنوين… Read More الفصل الثاني. الغصن March 16, 2023March 16, 2023 عصاً رفيعة من الخيزران، تنهال عليه جلداً، يدٌ خشنة تثبته بإحكام، يلتف حول نفسه محاولاً… Read More الخاتمة March 16, 2023March 16, 2023 يتبع …….. اللحظة بيبرس في أثناء كتابة الرواية، اكتشفت أنها ليست روايةٌ مستقلةٌ بذاتها كما… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل السادس. البقرة كاتبة التقارير March 16, 2023March 16, 2023 -الحمد لله، قطاف هذا العام وفير، ولدي بعض المال، فلابد من الاستثمار -ما الذي تنوين… Read More
الفصل الثاني. الغصن March 16, 2023March 16, 2023 عصاً رفيعة من الخيزران، تنهال عليه جلداً، يدٌ خشنة تثبته بإحكام، يلتف حول نفسه محاولاً… Read More
الخاتمة March 16, 2023March 16, 2023 يتبع …….. اللحظة بيبرس في أثناء كتابة الرواية، اكتشفت أنها ليست روايةٌ مستقلةٌ بذاتها كما… Read More