الفصل التاسع والعشرون. لعنة سجينة داخلها

-توقفي عما تفعلين يا ألارا، فالغلام يعاني.

ضحكة سوقية: ومنذ متى تهتمي لمروان يا حتشبسوت؟! كنتِ تريدين قتله على ما أذكر.

-هذا أمر فات وانقضى، أنتِ عنيدة غير مبالية، الحياة معك متعبة جداً، لديك كل ما تتمنى النساء، زوج غني وسيم، معطاء كريم، فتى مؤدب ذكي، إلا أنك لا تعيشي ولا تدعيني أعيش كذلك! لا تعرفي كيف تستمتعين بحياتك.

-اصمتي يا عاهرة، هذا الذي ينقصني! راقصة تعطيني النصائح.

بغضب أضافت: مروان ابني، ولن أسمح لك أذيته كما فعلتي بأمي.

-لكنك تفعلين العكس يا ألارا، استمعي لنصحي، لن أخذلك.

-كاذبة، مخادعة أنتِ يا حتشبسوت، مطلبك قتل مروان، إن سلمتك نفسي، وسمعت نصحك، ستنالين منه كما قتلتِ قمر من قبل.

حتى حتشبسوت لم تسلم منها، هذه اللعنة التي سيطرت على زينب، باتت سجينة مضطهدة عند ألارا، تبحث عن الخلاص، بأي طريقة كانت.

ليلة تلو ليلة، تجسس مروان خفية على أمه، فما أن يغمض عينه، تظنه نائماً، حتى تختلي بنفسها في غرفة مجاورة، وتبدأ تُكلم الجدران، وفي بعض الأحيان، تتشاجر مع نفسها، وسرعان ما فهم، شيء آخر داخلها، امرأة أخرى، اسمها حتشبسوت.

الصراع بينهما بدأ يخرج عن السيطرة، حتشبسوت شريرة بذكاء، تأخذ حاجتها، تفرض سطوتها، إلا أن لها مقاصد معلومة في نهاية الأمر، إن أخذتها، عاشت وجعلت الآخرين يعيشون بسلام، أهمها تأمين الانتقال، وما تبقى من مقاصد فهي سهلة بسيطة في متناول اليد، لا تريد إلا النجاة، الثراء، اللعب، ليالي حمراء كتلك التي كانت في عهد زينب وحسن.

أما ألارا فاشلة في كل شيء، حتى الحياة، لا تعرف كيف تحياها، غبية، ساذجة، تافهة.

لا مجال للسلام، طالما ألارا تعاندها وتقمعها، فلن يهدأ الشيطان داخلها، والضحية وسط هذا الصراع، هو الغلام، يدفع كل يوم الثمن في حرب، ليس طرفاً فيها، ولا ناقة له بها ولا جمل.

بريق حتشبسوت يفتر يوماً عن يوم، وجمال ألارا يذبل سريعاً، وسردار هائم هناك بعيداً، يعيش أيامه كما يحلو له، لا يربط بينه وبينها، إلا ولده، وزيارة زوجية كل بضعة أشهر.

مروان ضائع بين واقعه الأليم، وجنون امرأتين.

لا يعلم من منهم أمه، ومن الشيطان!

تخبط فوق تخبطه، وجن فوق جنونه جنوناً.