April 26, 2023April 29, 2023 الفصل العاشر. ليلة الالتزام -أهلا بك سيد عبد الحق، يشرفنا تواجدك بيننا اليوم، الحمد لله على سلامتك. -شكراً سيدة كريمة -هذا ابني حسن، سيكون مرافقك هنا، يمكنك الاعتماد عليه بكل ما تحتاجه. بعد شهرين من وصول المبعوث، وصل السيد عبد الحق، كانت رحلته طويلة على غير المعتاد، حيث انتقل من إسطنبول إلى جنوب تركيا، ولاية مرسين، ومن هناك، استقل الباخرة عبر البحر المتوسط إلى الإسكندرية في شمال مصر، ومن هناك إلى أسيوط، رحلة تخللها الكثير من الوقفات لدواعٍ أمنية، فهو مُطارد، وما يحمله مهم للغاية، لا يحتمل المخاطرة. -سيدتي، لدي أمر أود إخفاءه، موجود أسفل صناديق البضائع، أوراق هامة. -بالتأكيد، هل الصناديق في المخازن؟ -نعم. -في الغد ندخلها إلى القصر، ونضعها في مكان آمن. حل المساء، جلس الجميع على طاولة العشاء، زينب تقوم بخدمتهم، حين علا صوت هرج ومرج خارج القصر، أصوات رجال تنادي بكلام غير مفهوم، عشرات الرجال يتقدمهم الحكيم، وأبو زينب الحاج صالح، يحملون مشاعل على بوابة القصر الخارجية، حيث انتشر الحراس حاملين بنادقهم داخل بواباته وأسواره. دخل كبير الحرس إلى صالة الطعام، أخبار غير سارة، سيدتي كريمة، أهالي القرية يهددون باقتحام القصر، إن لم نسلمهم من يقولون إنها ابنة أحد رجالهم. نظر إلى زينب: يقصدونها. سقطت إبريق الماء من بين يديها، ارتجف جسدها خوفاً. قفز حسن عن مقعده، بنبرة صارمة، متحدياً ما سمع، قال: هذا لن يحدث أبدا. الأم، غاضبة: بل هذا ما سوف يحدث. التفت إلى زينب: سامحيني يا صغيرة، ليس بمقدورنا فعل شيء، لن نخوض حرباً معهم. قاطعهم عبد الحق: هل يشرح لي أحدا ما الخطب؟ شرحت له الأم على عجل. -حسناً، لمَ لا تطلبون من أبيها الدخول هنا لنتفاوض معه؟ في صالة الاستقبال، الأب متيقن أن ابنته هنا، لقد شاهدها أخوها هريدي، من خارج السور، صباح اليوم، حين كانت تتمشى بين الأشجار، فبعد شهرين من السجن داخل القصر، كان لا بد لها من الخروج، سمحوا لها من حين إلى آخر، حين كان الأب والأخ يترصدون أي علامات تشير إلى أنها في الداخل. لا مجال للإنكار، ولا مجال للجدال، خصوصاً بوجود عبد الحق، ليس الوقت المناسب لخوض هذا الظرف الطارئ. الأب: نريد زينب، وسنغادر في حال سبيلنا، لا بد أنها خدعتكم، قالت لكم من الأقصر، ليس ذنبكم، سلمونا إياها. السيدة كريمة: وهل من خيارات أخرى غير قتل هذه المسكينة كما فعلتهم بأختها؟ الأب: لن نقتل ابنتنا بالطبع. أضاف بنبرة خبيثة: ثم أننا لن نقتل فاطمة، ما قيل لكم محض كذب وافتراء، لقد سافرت إلى القاهرة، عند خالتها، وهي بأفضل حال. احتدمت الأجواء، لا بد من إيجاد مخرج من هذا الوضع، فكر حسن سريعاً، لا مناص من الإغراء، لقد عاشوا على هذه الأرض طويلاً، وهو يعرف عقلية أهلها، لن يتنازلوا، زينب الآن قد ألحقت العار بعائلتها بهربها هذا، بالإضافة للعنة، هي أمام موت محقق، ولإنقاذها، لا يوجد إلا طريقة واحدة. الفروسية والنبل، نقطة ضعف كل قوي، خصوصاً إن وجد على المحك حياة فتاة مسكينة، تعهد بحمايتها، ورعايتها. حسن: سيدي، في الحقيقة لقد سمعنا عنكم الكثير من الكلام الطيب، أنتم عائلة نبيلة، وكم يشرفنا أن تربطنا روابط أقوى من حُسن الجوار، فلو تتشرف بقبول طلبنا بمصاهرتكم، فإن هذا شرف عظيم لنا. وقع أثر ما قاله على أمه كالصاعقة، تخضب وجهها بحمرة الغضب، تصببت عرقاً، تود الصراخ في وجهه، يا مجنون ما الذي تفعله، ما هذه الورطة التي تورط نفسك وتورطنا بها. تدخلت سريعاً، قالت بضحكة مصطنعة: سامح ابني يا حاج صالح، فهو رقيق القلب، مرهف المشاعر، ما زال متأثراً بالكذب والافتراء الذي يُشاع حول مصير أختها، لا يريد لها ذات المصير. التفت إلى حسن: ثم إنها في العاشرة من عمرها، صغيرة على الزواج يا بني. الأب: الحادي عشر يا سيدتي، لقد أتمتها منذ أيام، ثم إننا في هذه البلاد، كثيراً ما نزوج بناتنا في مثل هذا العمر. حسن، غير مبالٍ بأمه: وهل تقبل يا سيدي؟ الأب ينظر إليه، ثم ينظر إلى أمه، ثم إلى عبد الحق. حسن: سندفع لك المهر الذي تشاء، لن نبخسك حقك، وستكون بادرة هي الأولى من نوعها، منذ حل جدي الأكبر إسماعيل ها هنا، لم يحدث أن تزوج أحد من عائلتنا من أهل المنطقة، لعلها تكون بادرة خيراً لنا ولكم. الأم مقاطعة إياه: انتظر يا بني….. قاطعها عبد الحق: عذراً، هل تسمحون لي بالاختلاء بالسيدة كريمة للحظات. استأذن الاثنان، وذهبوا إلى الغرفة المجاورة. عبد الحق: سيدة كريمة، ما الذي يغضبك في هذا الزواج؟ -كل شيء، إنها من أهل القرى، عامة الناس، ونحن من نسل الأمراء، لم يحدث هذا قبلاً، ولن يحدث الآن. -لكن سيدتي، إن كان حسن يريد هذا، فقد يكون الزواج في مصلحتنا، ومصلحة ما نحن مقبلون عليه، زواج كهذا سيجعل بيننا وبينهم علاقة متينة، وسيكونون عوناً لنا، لا علينا، سيزيد نفوذنا في المنطقة كلها. ترددت للحظات: ولكن يا سيد عبد الحق، هذا لم يحدث من قبل…. قاطعها: وها هو يحدث، يبدو أن حسن راغباً بالفتاة، سينقذ حياتها، ونحن سنكسب أهل القرية كلهم في صفنا، ثم إنها صغيرة، ولا بأس بها، مهذبة جداً، اعتبريه زواجاً سياسياً، لمصلحة عليا. كتمت غيظها، رغم أن كلام عبد الحق منطقي، وبدت كأنها مقتنعة به، إلا أنها كانت قد أدركت قبل دخولها إلى هذه الغرفة أن الأمر قد قضي، فتراجع حسن عن طلب الزواج هذا، سيعتبر إهانة بالغة للرجل، وإهانة كهذه قد يترتب عليها تبعات كثيرة، قد لا يكفي المال لحلها. عاد الاثنان إلى الصالة، الرجل ينظر لها بفتور، ليس من الصعب إدراك أنه قبل عرض حسن، بل واستحسنه، إلا أن شيئاً من كبرياء يمنعه من الإجابة الآن، قبل معرفة ما ستقوله الأم. الأم: عذراً يا حاج، ردة فعلي قبل قليل كانت بسبب أنني أرى أن ابني صغير على الزواج، لكن كما يبدو كنت مخطئة، فهو كبير كفاية الآن، كما تعلم، تبقى الأم أمّا، ويبقى الابن طفلاً في نظرها مهما كبُر. الحاج: لا بأس يا سيدة كريمة، هل أعتبر كلامك هذا هو طلب زواج رسمي؟ -نعم يا حاج. في الغرفة المجاورة، زينب تسترق النظر والسمع، لا تصدق ما تسمع! هل كل ما يجري حقيقة! سأتزوج حسن! حتشبسوت: نعم، يا سيدة القصر، ستتزوجينه، ألم أقل لك. زينب: هل سيقبل أبي؟ -يقبل؟! انظري إليه، منذ دخل القصر وهو في ذهول، لن يقاوم إغراء أن يكون جزءاً من هذه العائلة النبيلة، ولن يقاوم إغراء المال، هذه ستكون أول حادثة زواج بين نسل الأمراء، وبين عامة الشعب البسطاء، سيقبل لا محالة. أضافت: كما حدث معي تماماً، لكن نهايتك لن تكون كنهايتي، يا سيدتي. زينب: هل ما جرى بسببك؟ هل هي الطلاسم؟ -طبعاً يا عزيزتي، لكن لنتفق، هذه الطلاسم مؤلمة جداً، لن نستخدمها من الآن فصاعدا إلا عند الضرورة القصوى. -لكن لماذا أشعر أنكِ لا وجود لكِ، مجرد وهم من خيالي! صمتت برهة، ثم أضافت: ماذا لو أن ما حدث مجرد صدفة، ضربة حظ، وتصادف أنكِ وعدتي بحدوثه فقط! حتشبسوت: ليست ضربة حظ يا زينب، ستثبت لك الأيام أنني صديقتك المخلصة، لن أتخلى عنكِ أبدا. صمتت ثم أضافت: وسأحرص دوماً على أن تكوني بخير. في الخارج، انفض الجمع، غادر أهل القرية، فقد زف لهم الأب الأخبار، زينب ها هنا، بعهدة السيدة كريمة، وقد أحبتها، وتريدها جزءاً من العائلة، ستزوجها ابنها حسن، سيكون هذا أول زواج من نوعه في مصر كلها، ستزدهر قريبتنا، سيعم خير هذا الزواج على الجميع. في طريق العودة، الحكيم غاضب. -يا حاج صالح، لقد فعلت الكثير لحماية عائلتك، وهكذا تكافئني؟ مجلس الحكماء لن يقبل بما يجري، سيفعل المستحيل لإيقافه، وقتل هذه اللعنة. التفت إليه الأب: لكن اللعنة لم تسكن زينب من الأساس! قلت بنفسك هذا، زواجك منها كان إجراء وقائي لا أكثر، لم يثبت عليها شيء، صحيح؟ تلعثم الحكيم، لا يعرف ما يرد، قال: نعم، لكن ماذا لو سكنتها؟! -لا تتعجل الأمور، ابنتي بأفضل حال، لا وجود لأي لعنة فيها، أم أنك ترى غير هذا؟ صمت الحكيم، بالفعل، فهو لم يجزم سابقاً بوجود أي لعنة في زينب، مجرد شكوك ومخاوف، استسلم للأمر الواقع، ولقدره، لعله يحيا كفاية ليوم آخر، لتسكن لعنة غيرها فتاة يافعة في القرية، ليبدأ طقوس العلاج معها. ولكن هذا لا يعني أنه لا بد من المساومة. الحكيم: حسناً يا صالح، لك عائلة الأمير، ستكسب منهم الكثير بطبيعة الحال، ولك ما قدمته من مال من قبل، لن أطالبك بشيء منه، ولنا السرداب، ستغادر المنزل وعائلتك شهر من الزمن، سنقوم بعملنا، ثم تعودون إليه مرة أخرى. رضي الأب هذه المساومة. بطبيعة الحال لا أمل لهم بالدفينة، فمعظمها بات ملك مجلس الحكماء منذ انهار السور على مصطفى. كما أن وجودها غير مثبت، لعل المدفن فارغ، أو سُرق منذ زمن، أو مجرد سرداب لا يقود إلى شيء، سمك في ماء، بينما عائلة الأمير، القصر، فهو حقيقة يراها أمام عينيه. عصفور في اليد، خير من عشرة على الشجرة. Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Zainab’s Curse - Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل الخامس والثلاثون. سأحطم جمجمتها April 26, 2023April 29, 2023 -هذا آخر تنبيه لك، لم تعد طفلاً، انظر إلى نفسك، تبدو كالبغل، أنت في العاشرة… Read More الفصل التاسع والعشرون. لعنة سجينة داخلها April 26, 2023April 29, 2023 -توقفي عما تفعلين يا ألارا، فالغلام يعاني. ضحكة سوقية: ومنذ متى تهتمي لمروان يا حتشبسوت؟!… Read More الفصل الحادي عشر. الأزقة لن تنساكم April 26, 2023April 29, 2023 -ستنامين منذ الليلة في غرفة خاصة بك في الطابق العلوي، بجوار غرفتي تماماً. التفت إلى… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل الخامس والثلاثون. سأحطم جمجمتها April 26, 2023April 29, 2023 -هذا آخر تنبيه لك، لم تعد طفلاً، انظر إلى نفسك، تبدو كالبغل، أنت في العاشرة… Read More
الفصل التاسع والعشرون. لعنة سجينة داخلها April 26, 2023April 29, 2023 -توقفي عما تفعلين يا ألارا، فالغلام يعاني. ضحكة سوقية: ومنذ متى تهتمي لمروان يا حتشبسوت؟!… Read More
الفصل الحادي عشر. الأزقة لن تنساكم April 26, 2023April 29, 2023 -ستنامين منذ الليلة في غرفة خاصة بك في الطابق العلوي، بجوار غرفتي تماماً. التفت إلى… Read More