April 26, 2023April 29, 2023 الفصل التاسع. السيدة الخادمة -هل تريدين شيئاً سيدة كريمة؟ -كلا، يمكنك الانصراف همت بالمغادرة، نادتها: زينب، توقفي. ثم بنبرة استعلاء عفوية، اعتادت مخاطبة الخدم بها، قالت: في المرة التالية عندما تقدمين شيئاً لأحدهم، لا تنظري في عينيه، لتبقى عيناكِ في الأرض. -أمرك يا سيدتي عادت إلى غرفتها في القبو، شعرت بالإهانة، لم تعتد هذه المعاملة، استلقت على السرير، حلمت أحلام يقظة، إنها سيدة مرموقة، تتبعها خادمتها حيثما ذهبت، لا ترفع عينيها عن الأرض وهي تحدثها، طفلة في مثل عمرها، تمتلك خيال خصب، لن يمنعها شيء من الأحلام. دقائق وغطت في النوم، تجاوزت الساعة الثامنة مساء، وفي منتصف الليل فتحت عيناها على شيء يهز السرير. -استيقظي، استيقظي. بالكاد تتمكن من فتح عينيها: ماذا؟ ما الذي حدث؟ -لديهم الكثير من الأسرار يا زينب. تثاءبت، فركت عينيها: أسرار؟ كيف علمتِ بهذا. -ألا تلاحظين! يُمنع الدخول إلى القصر إلا من عدد محدود مختار من الخدم، شيء واحد يجمع بينهم، ليسوا من الصعيد! لاحظت أن كثيراً منهم يتحدثون بلهجة الفلاحين. -نعم، لكن ما علاقة الأسرار بالأمر؟ -شيء ما يخفونه، لِمَ منعوكِ من الصعود للطابق العلوي؟ أو حتى الخروج من باب القصر إلى الحديقة؟ -لا تتبلي عليهم، لقد فعلوا هذا لحمايتي، لا يريدون لأحد أن يراني من باب الصدفة، فيتعرف على هويتي. -ومن ذا الذي سيتعرف عليك؟ لقد قال حسن أن نطمئن، فلا يوجد خدم لديهم من قريتك أبداً. -نعم ولكن رغم هذا فالأسلم هو البقاء في الداخل. -حسناً دعك من هذا، لمَ لم نرَ حسن منذ يومين!؟ -لا أعلم، هل هو بخير؟ بعتاب، وقليل من الغضب، قالت: تباً له، أنقذنا من الموت، بفرسه الأبيض، دافع عنا وحمانا، ثم يتركنا هنا ويذهب!! بدأت أكرهه. -ما بك يا حتشبسوت؟! لما أنتِ متحاملة عليه! قبل أيام كنتِ تقولين إنه من يستحقني. -نعم يا زينب، ول يستحقك لا بد أن يراكِ، ولا بد أن يجالسك، كثير من الأمور لا بد أن تجري قبل هذا. حتشبسوت غاضبة… الأمور لا تمضي على أفضل حال، مشتاقة لحسن، تريد رؤيته، التأمل في وجهه، سماع صوته، بينما زينب، فقد رأت وسمعت ما لا يجب على فتاة في عمرها أن تسمع وترى، بات تفكيرها يتمحور حول الفرن، القتل، الاضطهاد، وما فعله الحكيم بأختها، اشتاقت إلى حسن كذلك، الذي شعرت في وجوده بالأمان، ما إن شعرت بالأمان، حتى بدأت تشعر بشيء آخر، رغبة عميقة بالانتقام، فكلما كان بقربها، فكرت أن بمقدورها فعل ذلك، تحدي القرية كلها، والحكيم، ومجلس الحكماء. زينب: هل لي بسؤالك عن شيء؟ -طبعاً يا عزيزتي. -تحدث العجوز عن لعنة، وسر الدفينة، قال من الممكن أن تفضح الأسرار جميعها! احمر وجه حتشبسوت غضباً، أكثر من أي مرة سابقة، برقت عيناها، صكت أسنانها، وضعت يدها تتحسس عنقها، كأن شيئاً يخنقها، تتألم، تكاد تنفجر، قالت: إياكِ ثم إياكِ أن تتلفظي بهذا مرة ثانية، هل تفهمينني يا زينب؟ قفزت عن السرير فزعة، تراجعت حتى التصق ظهرها بالجدار، أجابت: ما بك! ما الذي أغضبك، هل أخطأت في شيء؟ فجأة بلا مقدمات، هدأت حتشبسوت، تقدمت منها وبنبرة حنونة، همست لها: لا تتحدثي بذلك من جديد، تلك الأسرار، هي طلاسم سحرية، كتلك التي قرأها الكاهن حين قطع عنقي، إنها خطيرة جداً، لا يجب علينا التحدث عنها. -حسناً، لن أفعل ذلك مجدداً، لكن، هل تعرفينها؟ -قلت لكِ يجب ألا نتحدث عنها، توقفي يا زينب. -لكن فقط أخبريني، هل تعرفين الطلاسم؟ أطرقت عيناها إلى الأرض، بنبرة ضعف، كأنها خادمة مطيعة أجابت: نعم يا سيدتي، أعرفها، لكن أتوسل إليكِ، توقفي. نظرت لها باستهجان، لم تبدُ كأنها حتشبسوت القوية، المتسلطة، بل بدت كالخادمة! تقف أمامها بتذلل، تنظر إلى الأرض، لا ترفع عينيها بها، تخاطبها بسيدتي! -ما بك؟ ما الذي غير حالك هكذا؟ -لا شيء يا سيدتي، لكني أتوسل ألا تجبريني على قول الطلاسم، فهذا يؤلمني جداً، لقد آلمني لآلاف السنين، ظننت أنني قد انتهيت منها حين تحررت من السرداب. -لمَ تتصرفين معي كما أتصرف مع السيدة كريمة؟! تقلدين جميع حركاتي، طريقة كلامي؟! أنا خادمتها، لا بد من التذلل لها، لكنكِ غير مجبرة على فعل هذا. -أنا خادمتك يا سيدة زينب، هذه الحقيقة، فما أن حللت معك، حتى أصبحت ملكك، لن أرفض لكِ طلباً، ولن أعصي لكِ أمراً. تنظر لها بريبة، قالت: حتشبسوت، هل تفعلين هذا لمواساتي؟ -لِمَ تقولين هذا يا سيدتي؟ -قبل نومي، كنت أفكر، شرد خيالي بعيداً، إنني سيدة نبيلة، مثل السيدة كريمة، ولدي خادمة تحدثني، كما أحدثها، وتقف أمامي كما أقف أمامها، وها أنتِ تلبين رغبتي هذه! -كلا، لكنها الحقيقة يا سيدتي، قريباً سيحدثك الجميع بتذلل، ستتسلطين على رقاب كل من حولك، سيذوقون الذل على يديكِ، ستكونين محور العالم، الجميع يدور حولك، لا هم لهم إلا تلبية رغباتك. في الحقيقة، سؤال زينب منطقي تماماً، لقد تربت منذ طفولتها، على قصص الدفائن، السحر، الأسرار، اللعنات، ثم مات أخوها، دُفن عميقاً حيث لم يستطع أحد إخراجه في إحدى هذه الدفائن، ثم نالت أختها ما نالته من عذاب، وظلم، ثم حُرقت في الفرن، باسم الدفينة واللعنة، وقد كادت أن تلاقي ذات المصير، طفلة بخيال خصب، خصب للغاية، وفي هذه البلاد، تتضاعف سطوة الخيال، وقوته. والعقل البشري، قادر على تجسيد الخيال واقع إن لزم الأمر، خصوصاً إن كان هذا الخيال، هو الحد الفاصل بين الحياة والموت. فما الذي يؤكد أن حتشبسوت، لم تصنع لها معروفاً، لمواساتها، وتجعلها تعيش للحظات، إحساس تمنته، وحالة رغبت فيها. أو حتى لعلها، وهم من خيال طفلة، نضجت قبل أوانها، رأت، وسمعت، ما لا يجب لها أن تسمع وترى. أو لعلها بالفعل، حتشبسوت، الفتاة اللعوب، التي ذُبح عُنقها، تكفير عن خطاياها. ففي مرحلة ما، لا يعد من أهمية للحقيقة والخيال فالمهم هو ما تراه وتسمعه زينب، هذه هي الحقيقة الكاملة بالنسبة لها والأهم، ما ستكون عليه، وما سيقودها هذا إليه. Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Zainab’s Curse - Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل التاسع والعشرون. لعنة سجينة داخلها April 26, 2023April 29, 2023 -توقفي عما تفعلين يا ألارا، فالغلام يعاني. ضحكة سوقية: ومنذ متى تهتمي لمروان يا حتشبسوت؟!… Read More من رواية اللحظة بيبرس. المقر ألفا April 29, 2023April 29, 2023 أقلعت الطّائرة من دبي إلى وسط البحر الأبيض المتوسّط، حيث مدينة “فاليتا”، عاصمة دولة مالطا…. Read More الفصل السابع عشر. دماء فرعونية April 26, 2023April 29, 2023 -أخيراً يا زينب، نجحتِ في إنجاب طفلتي. -طفلتنا يا حتشبسوت. -بل طفلتي، لا تغضبي يا… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل التاسع والعشرون. لعنة سجينة داخلها April 26, 2023April 29, 2023 -توقفي عما تفعلين يا ألارا، فالغلام يعاني. ضحكة سوقية: ومنذ متى تهتمي لمروان يا حتشبسوت؟!… Read More
من رواية اللحظة بيبرس. المقر ألفا April 29, 2023April 29, 2023 أقلعت الطّائرة من دبي إلى وسط البحر الأبيض المتوسّط، حيث مدينة “فاليتا”، عاصمة دولة مالطا…. Read More
الفصل السابع عشر. دماء فرعونية April 26, 2023April 29, 2023 -أخيراً يا زينب، نجحتِ في إنجاب طفلتي. -طفلتنا يا حتشبسوت. -بل طفلتي، لا تغضبي يا… Read More