April 26, 2023April 29, 2023 الفصل الثاني والعشرون. زواج بالمراسلة زاوية في صحيفة مصرية، خاصة بالتواصل، ينشر بها الشباب والشابات رسائل مقتضبة، مع عناوينهم البريدية، لهواة المراسلة والتعارف. سردار يتصفح الصحيفة، زاوية التعارف، وقع عينه على إعلان تعارف تقليدي، ما كان ليفوته أبداً. ” الاسم ألارا، العمر 19 عاماً، الطول 170 سم، الوزن 65 كيلو، رشيقة، جميلة، لون البشرة سمراء، لون العينيين بني، الشعر أسود ناعم طويل، الأم مصرية، الأب مصري من أصول تركية عثمانية “ شدته الأصول التركية، وطارت مخيلته في وصف هذه الحسناء، تركية مصرية، خليط بين العثمانيين والفراعنة، أمسك ورقة وقلماً وبدأ يكتب. “مرحباً يا عزيزتي ألارا، أنا سردار من العراق، عمري 26 عاماً، أعمل في تجارة الألبسة، موجود في ليبيا حالياً، حالتي المادية ممتازة، تركماني من محافظة كركوك، من أصول تركية كذلك، لفت نظري كونك مثلي، من نسل المهاجرين الأتراك إلى العالم العربي، حسن المظهر، طويل القامة، ويسعدني أن نصبح أصدقاء “ أرسل الرسالة عبر البريد في اليوم نفسه، وبعد قرابة الأسبوعين وصله ردها، ورسالة تتلو رسالة، باتوا أصدقاء بالمراسلة، عرف تاريخ عائلتهم، قصة جدهم إسماعيل، وقصة أبيها، فتاة جميلة من عائلة أرستقراطية من أصول تركية عثمانية، عانوا على يد العسكر الانقلابيين كذلك، كما حدث له. سرعان ما بدأت الرسائل تحمل شيئاً من العاطفة، المشاعر، تحولت علاقتهم إلى حب بالمراسلة، ويا له من حب هذا، حين يرتبط المرء بصورة ذهنية مثالية يرسمها عقله عن معشوقه. فتنها سردار بكلماته الرقيقة، نَظم الأشعار بها، سحرها، طار بها في عالم الأحلام. أرسل إليها صور له تباعاً، دون أن ترسل إليه أي صورة لها، رغم طلبه هذا، إلا أنها ترفض، تتعذر دوماً، هدفها شيء من التشويق ربما، لا داعي لرمي الأوراق كلها دفعة واحدة، عادة النساء. سنة كاملة من حب بالمراسلة، أحب كلماتها، وأحبت كلماته، باتت تترقب بشوق ولهفة ساعي البريد، يطرق باب بيتهم، يحمل رسالة جديدة، تأخذها وتدخل غرفتها وتغلق الباب، تفترش السرير على بطنها، تلعب قدميها في الهواء، تبدأ تقرأ بشغف وشوق، قصيدة جديدة. في بعض الأحيان، تجاوز الخطوط الحمراء، رغم أنه لم يرها بعد ولا حتى في صورة لها، إلا أنه بطريقة ما تمكن من وصف جسدها، نهداها، خصرها، شعرها، وكأنها تجلس أمامه، بقصيدة شعرية حملت الكثير من الإيحاءات التي داعبت روح الأنثى فيها. ردت عليه بغضب مصطنع، إياك أن تبعث مثل هذه الرسائل مجددًا، لا تتجاوز حدودك، فكوني أتراسل معك، فهذا لأنني ذات يوم أردت تجربة هذه الموضة الجديدة، التعارف عبر الصحف والرسائل البريدية، نشرت ذلك الإعلان، وصلني الكثير من الرسائل، لم أرد إلا عليك، لما رأيت أنه تقارب بيننا، لكن هذا لا يعني أن تتجاوز المسموح به فيما تكتب لي، فإن كررتها مجددا، فلن أرسل إليك من جديد. وضعت الرسالة في صندوق البريد، ثم بقيت أسبوعان كاملان خائفة تترقب. تباً لي، لقد خسرته، ما كان يتوجب الرد عليه بهذه الطريقة! ذات صباح، دق ساعي البريد الباب، تعرف طرقته تماماً، بل في بعض الأحيان تقفز إلى الباب قبل وصوله إليه، تعرف صوت خطواته على الدرج. فتحت له، بين يديه رسالة جديدة، قصيدة اعتذار، وعهد ووعد ألا يكرر هذا الخطأ. بادلها الكثير من أفكاره، فهو مثقف وذكي، واسع الاطلاع، مدمن على قراءة الكُتب والمجلات العلمية. يا له من تشابه هذا! فعائلة ألارا يمتلكون مكتبة كذلك، طار فرحاً سردار حين علم بالأمر، أحس أن القدر قد قاده إلى حيث ينتمي بالضبط، يتشابهون في الكثير من الأشياء، وفي أدق التفاصيل. زينب، غير راضية عن هذه المراسلات. فما لنا ولهذا التركماني، لا بد أن تتزوجي من شاب مصري فرعوني، فالدماء الفرعونية مقدمة على كل شيء. إلا أن ألارا العنيدة، ذات الشخصية المستقلة، أصرت على مواصلة التراسل، بل وباتت تحمل الكثير من العاطفة لسردار، أحبت فكرة الارتباط بشاب من أصول تركية كذلك، يشبهها في كثير من الأشياء، فضلاً عن أنه جميل، وثري، خليط معقد من الجنسيات، أصول تركي، عراقي تركماني، مواطن أردني. أما حتشبسوت، فهي في حيرة من أمرها، لننتظر ونرى، فإن كان مهذباً، جميلاً، ثرياً، كما يدعي، فلا يتبقى إلا صفات قليلة لا بد من التحقق منها، طيبة القلب، الفروسية، الشهامة، لن نقبل بارتباط ألارا به إلا إن كان يتحلى بها، حيث يمكنها السيطرة عليه، كما سيطرت زينب على حسن، إلا أن المؤشرات تقول خيراً، فهو شاعر، عاطفي، تماماً مثل حسن، يبدو أن الأمور تسير على ما يرام، حتى الآن. دعته ألارا في بعض المراسلات لزيارة مصر، دعوة مبطنة للانتقال بهذه العلاقة إلى مرحلة متقدمة، على الأقل التعارف وجهاً لوجه. بطريقة غير مفهومة بدأ سردار يتهرب! بأعذار غير مبررة، أتعبها نفسياً، فإن كان جاداً بشأن هذه العلاقة، لما لا يتخذ خطوة إلى الأمام! هل سنمضي وقتنا كله، حياتنا ربما، بانتظار ساعي البريد؟! اشغل بالها وتفكيرها، بات صعب المنال لها، كالسهل الممتنع، رسائل تذهب وأخرى تأتي، إلا أن هذا الشاب مرهف الإحساس، الشاعر، العاطفي، الحنون، يأبى اتخاذ خطوة جادة للقاء، تمنت سماع قصيدة من فمه مباشرة، في مقهى على ضفاف النيل، بصوته العذب الذي لم تسمعه بعد، طارت بأحلامها، تترقب، كررت الدعوة أكثر من مرة، بلا نتيجة. بالنسبة له، فالزواج من هذه العائلة شرف وفخر، إلا أن شيئاً واحداً يقلقه، ألارا نفسها، طباعها الحقيقة، مظهرها الخارجي، خشي الذهاب ومقابلتها؛ ليكتشف أنها ليست تلك الحسناء التي تصورها، أو حتى ربما أن قصتها كلها وحي من الخيال، لا حقيقة لها، ستكون صدمة له ولها، فهو رجل شهم نبيل، إن ذهب للمقابلة، فغالباً قضي الأمر، لن يتراجع، متردداً في حيرة من أمره. كذلك أراد بعض الإثباتات، طلب منها صورة لأفراد عائلتها، ولم تفعل، طلب صوراً للمكتبة، ولم تفعل، أسماء أقارب أو معارف لهم في ليبيا، حتى لو مصر، عله يتحقق بطريقة ما من صدق ما قالته له، ولم تفعل. زاد من قلقه قصص بدأ يتداولها الناس، حول مخاطر التعارف بالمراسلة، حيث تم استدراج عدد من الأشخاص بقصص حب وهمية، ليكتشفوا سريعاً أنهم وقعوا ضحية عصابة ابتزاز منظمة. إحداها عن شاب ذهب للقاء محبوبته بالمراسلة لأول مرة، سافر إلى مصر، وهناك، اختطفوه، وعذبوه، حتى قام أهل الشاب بتحويل مبالغ مالية طائلة لهم. في آخر رسالة، قرر حسم القضية. “يا ألارا، لا بد من إرسال صورتك لي، أود القدوم لزيارتكم، لكني أرغب في رؤيتك أولا “ رسالة مقتضبة، وقرار حاسم لن يرسل بعدها شيء ما لم يرها على الأقل. Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Zainab’s Curse - Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل الثلاثون. كلمة بين شفتيه April 26, 2023April 29, 2023 صيف العام 1989 ميلادي مروان في عامه التاسع ألارا في عامها الثامن والثلاثين حين أتت… Read More الفصل التاسع. السيدة الخادمة April 26, 2023April 29, 2023 -هل تريدين شيئاً سيدة كريمة؟ -كلا، يمكنك الانصراف همت بالمغادرة، نادتها: زينب، توقفي. ثم بنبرة… Read More الفصل الخامس والثلاثون. سأحطم جمجمتها April 26, 2023April 29, 2023 -هذا آخر تنبيه لك، لم تعد طفلاً، انظر إلى نفسك، تبدو كالبغل، أنت في العاشرة… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل الثلاثون. كلمة بين شفتيه April 26, 2023April 29, 2023 صيف العام 1989 ميلادي مروان في عامه التاسع ألارا في عامها الثامن والثلاثين حين أتت… Read More
الفصل التاسع. السيدة الخادمة April 26, 2023April 29, 2023 -هل تريدين شيئاً سيدة كريمة؟ -كلا، يمكنك الانصراف همت بالمغادرة، نادتها: زينب، توقفي. ثم بنبرة… Read More
الفصل الخامس والثلاثون. سأحطم جمجمتها April 26, 2023April 29, 2023 -هذا آخر تنبيه لك، لم تعد طفلاً، انظر إلى نفسك، تبدو كالبغل، أنت في العاشرة… Read More