April 26, 2023April 29, 2023 الفصل الثلاثون. كلمة بين شفتيه صيف العام 1989 ميلادي مروان في عامه التاسع ألارا في عامها الثامن والثلاثين حين أتت الأخبار من إسطنبول، الخال فؤاد ليس في أفضل حال، بالمستشفى يصارع ما بين الحياة والموت، ما زال صغيراً، أتم توه عامه الثامن والأربعين، إلا أن الموت لا يهتم للإعمار، مرض عضال فتك به، ماتت زوجته منذ سنيين، يصارع رعاية ابنته الوحيدة، نوبيا، ذات السبعة أعوام. يخشى الموت على هذه الحال، ماذا سيحل بالفتاة في هذه البلاد، بلا أب ولا أم ولا أخ، من يرعاها من بعده، خياره الوحيد أخته ألارا، فزوجها سردار رجل نبيل طيب القلب، ميسور الحال، ستعيش معهم نوبيا حياة كريمة، لا بد من المحاولة، علها تكفلها بعد موته الوشيك. ما أن وصلتها المكالمة الهاتفية، حتى استقلت أول طائرة إلى إسطنبول، مصطحبة معها مروان، فالمُتحدث من المستشفى جاد، وضعه خطير للغاية يا سيدتي، قال الأطباء قد لا يعيش حتى الغد. من المطار إلى المستشفى مباشرة، تسابق الزمن، للوصول إليه. صحبتها الممرضة إلى غرفته، حمداً لله، على الأقل ما زال على قيد الحياة. نظرت إلى نوبيا، تقف جوار سرير أبيها، تمسك يده، حنطية فاتح لونها، شعر أسود ناعم كالحرير، عينان زرقاوان بلون عيني أبيها، أنف صغر، وجنتان ممتلئتان، فمها الصغير مرسوم كأنه حبات توت، حسناء عثمانية، إلا أن شيئاً من الفراعنة في ملامح وجهها، يبدو واضحاً جلياً، خليط من الاثنين، باتت جميلة أكثر مما كانت عليه في آخر زيارة. قالت: لا تقلق يا أخي، إن أصابك مكروه، فأتعهد لك أنني سأتكفل تربية نوبيا، سأعاملها كما أعامل ولدي. بصعوبة فتح عينيه، ابتسم، شد أصابعه على يد نوبيا، تنهد، هز رأسه، يود القول، الحمد لله أنكِ ها هنا، وصلتِ قبل موتي، إلا أن جهاز التنفس الاصطناعي يمنعه من الحديث. أمسكت ألارا يده الأخرى، لا تقلق يا أخي، ستكون على ما يرام، سأذهب إلى الأطباء للاطمئنان عن وضعك. غادرت الغرفة، نظر فؤاد إلى مروان، تقدم الأخير من السرير، بخجل، لا يعلم كيف يواسيه، أمسك يد خاله، ابتسم في وجهه، الخال يود قول شيء لهما، إلا أن جهاز التنفس يمنعه، أشار له أن يرفعه عن فمه، وهذا ما فعله مروان. بالكاد يستطيع الكلام، يتنفس بصعوبة، بلهفة وخوف الأب قال: بني، مروان، قد أموت في أي لحظة، لذلك عليك الإنصات جيداً لما سأقوله، نوبيا ابنتي، ستكون بحاجتك، كن نبيلاً معها كما هو أبوك، كما كان جدك حسن، نوبيا في عهدتك، لا تدع مكروهاً يصيبها. هز الفتى رأسه بحماسة الطفل، وبملامح جادة: سأحفظها يا خالي، لا تشغل بالك بهذا، سأدفع عنها الأذى، وعد وعهد، لن أخلفه ما حييت أبداً. شد يديه على يداهم، ثم صوت غريب يصدر من أجهزة الإنعاش، رنين يتسارع، الخال يلفظ أنفاسه الأخيرة، ركضت نوبيا إلى الخارج طلباً للنجدة، بالكاد وصلت بضعة أمتار خارج الغرفة، ثم عادت أدراجها، وصل الطبيب مسرعاً، بدأ عملية الإنعاش. مروان يقف مذهولاً، خائف مما يراه. لم يشهد رهبة الموت من قبل، ما زال يمسك يد خاله، يحدق إلى شفتيه، كمن ينتظر كلمة أخيرة يود سماعها، تتحركان بلا صوت، كمن يحاول قول شيء إضافي! ثوان قليلة فقط، ثم انتهى الأمر، مات الخال فؤاد، الطيب الحنون، النبيل الشجاع. مات ويكفيه فخر أنه ما دنس صفحة أعماله بتقبيل جباه العسكر، جباه الغزي والعار. نظر إلى الباب، نوبيا تبكي وحيدة هناك، بدأت توّاً رحلة يُتمها الكامل، بلا أب ولا أم، ترك يد خاله وهرع إليها، أمسك يدها، سأكون لك أباً وأخاً وصديقاً، ولن أخلف وعدي لخالي ما حييت. نظر إلى السرير مرة أخرى، عض شفتيه، شيء تغير في ملامح الغلام، نظرات تخرق بضعة أمتار في الفراغ، كأنه يفتش عن أمر ما. هز رأسه بنعم، همس يحدث نفسه. -سأفعل ما أمرتني به، سأحفظ نوبيا، وسأعثر عليه، لن أخذلك أبداً. Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Zainab’s Curse - Arabic Online Post navigation Previous postNext post Related Posts الفصل الواحد والثلاثون. نوبيا ملكة الذهب April 26, 2023April 29, 2023 يد تربت على كتفها، رفعت رأسها، العمة ألارا تبكي، رحم الله فؤاد. نظرت إليها، قالت:… Read More الفصل العشرون. ذات الوجوه المتعددة April 26, 2023April 29, 2023 -هذا العالم لا يؤمن بالصدق يا عزيزتي، فالصادقون فيه مُعذبون، يعانون، مضطهدون، ستتعلمين سريعاً، أن… Read More الفصل الثامن. خلية أسيوط April 26, 2023April 29, 2023 في صالة اجتماعات أسفل القصر، جلست السيدة كريمة مع أربعة رجال من أبناء عمومتها، بالإضافة… Read More Leave a Reply Cancel replyYour email address will not be published. Required fields are marked *Comment * Name * Email * Website Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment. Δ
الفصل الواحد والثلاثون. نوبيا ملكة الذهب April 26, 2023April 29, 2023 يد تربت على كتفها، رفعت رأسها، العمة ألارا تبكي، رحم الله فؤاد. نظرت إليها، قالت:… Read More
الفصل العشرون. ذات الوجوه المتعددة April 26, 2023April 29, 2023 -هذا العالم لا يؤمن بالصدق يا عزيزتي، فالصادقون فيه مُعذبون، يعانون، مضطهدون، ستتعلمين سريعاً، أن… Read More
الفصل الثامن. خلية أسيوط April 26, 2023April 29, 2023 في صالة اجتماعات أسفل القصر، جلست السيدة كريمة مع أربعة رجال من أبناء عمومتها، بالإضافة… Read More