أعمق من الإدراك

كل ما قلناه حتى الآن… لم يكن الحقيقة.
كان محاولة للوصول إليها.
كل فصل، كل فكرة، كل تجربة، كانت أشبه بخطوة صغيرة نحو مركز لا يمكن الإمساك به.
فالعقل، هذا الذي كتبنا عنه كثيراً، لا يزال يراقبنا من الداخل، يبتسم في صمت، كمن يعرف النهاية… لكنه لا يقولها.

هل كنا نكتب عنه، أم به؟
هل كنا نصفه، أم نُنفَّذ أوامره دون أن ندري؟
هل كانت هذه الهوامش، هوامشنا نحن؟ أم هوامش كتبها العقل لتجعلنا نعتقد أننا نفكّر؟

الوعي ليس مرآة، بل أثر الضوء على المرآة.
وليس ما نراه… بل ما تبقّى بعد أن نغلق أعيننا.

ربما نحن لسنا أحراراً كما نتصور، ولسنا عبيداً كما نخشى.
نحن مجرد مؤقتين على شاطئ الإدراك، نحاول فهم الموج…
بينما المحيط لا يعنيه فهمنا بشيء.

لكن في كل هذا، هناك لحظة واحدة صادقة.
حين تشعر أنك توقفت، لا لتفهم، بل لتسأل بصمت:
من أنا في هذا كله؟

تلك اللحظة… أعمق من الإدراك.

هي لا تحدث بالعقل، بل بالرعشة.
لا تُدوَّن في بحث، بل تُهمَس في العتمة.
هي اللحظة التي لا تشرح فيها شيئاً، بل تترك كل شيء خلفك… وتصغي.

إن كنت وصلت إلى هذه الصفحة،
فربما لا تحتاج لما بعدها.