May 9, 2025May 9, 2025 من يقرر أولاً؟ هناك فرضية صامتة نعيش بها منذ أن وعينا على أنفسنا:أن العقل يخدمنا، يعمل لصالحنا، يطيع قراراتنا، وينفّذ إرادتنا.لكن ماذا لو لم يكن كذلك؟ماذا لو كان العقل ليس أداة لدينا… بل سلطة فوقنا؟ماذا لو كان العقل، من منظور بيولوجي تطوّري صارم، يعمل لصالح الجسد فقط، لا لصالحك أنت بوصفك “ذاتًا واعية”؟ في العام 1983، كشف العالِم بنجامين ليبت نتائج واحدة من أكثر التجارب إرباكًا في تاريخ علم الأعصاب.طلب من مشاركين أن يحرّكوا إصبعهم في أي لحظة يريدون، وأن يحددوا اللحظة التي “شعروا” فيها برغبة الحركة.وفي الوقت ذاته، سجّل جهاز EEG النشاط العصبي في الدماغ. النتائج كانت قاطعة:قبل أن يشعر الإنسان بالرغبة، بدأ الدماغ فعليًا في إرسال إشارة حركية بحوالي 350 ميلي ثانية.العقل قرّر أولًا… ثم أخبرك لاحقًا.الإرادة لم تكن بادئة بالفعل، بل جاءت كتعليق لاحق عليه. هنا يُطرح سؤال فلسفي خطير:إذا كان العقل يسبق وعيك باتخاذ القرار، فهل وعيك حر؟أم أنك “تتلقّى” إرادة العقل، ثم تُقنِع نفسك بأنك اخترت؟ هذا ليس تمرينًا لغويًا، بل كشفٌ بنيوي.ما نسميه “الذات” قد لا يكون السيّد في منظومتنا الداخلية، بل مجرّد واجهة وُضعت بعد صدور الأوامر.العقل، من حيث هو بنية عصبية تطوّرت عبر ملايين السنين، لا يهتم بالحقيقة، ولا بالسؤال الفلسفي، ولا بتقاطع الهوية مع الحرية.هو يهتم بشيء واحد: أن يبقى الجسد صالحًا للاستمرار. وإذا اضطرّ في سبيل ذلك إلى قمع وعيك، فإنه لا يتردّد.إنه لا يراك “مالكًا له”، بل جزءًا خاضعًا تحت سلطته. إن صورة العقل كما تقدّمها العلوم العصبية الحديثة ليست صورة الخادم الذكي، بل الوصي الصلب الذي يضع مصلحة الجسد فوق كل اعتبار.تريده أن يتأمل؟ أن يصغي؟ أن يفكّر في العدالة؟هو لا يهتم.كل هذه المسائل تقع خارج أولوياته.التحليل العميق، النقد الذاتي، الصدق مع النفس… كلها أنشطة مكلفة عصبيًا.وهو لا يفعلها إلا إذا شعر أنها تخدم مشروعه الأكبر: البقاء. تجربة ليبت ليست مجرد فضول علمي، بل مرآة لحقيقة أعمق:نحن لا نحكم عقولنا كما نظن.بل نعيش داخل عقل يقرّر ما يُظهر لنا، ومتى، وكيف. هذا العقل لا يصدر الأوامر فقط، بل يتحكّم في وصولها إلى وعيك.لا يسمح لك أن تشعر بالرغبة، إلا بعد أن يكون قد قرّر تنفيذها.وإن سمح لك أحيانًا بما يُشبه “الاختيار”، فهو يفعل ذلك لأن النتيجة في الحالتين لا تُهدده.أنت لا تختار بين النجاة والموت. بل بين طريقتين آمنتين… اختارهما هو. لهذا، فإن الإرادة الحرة، إن وجدت، فهي مقيدة بموافقته.نملك أن “نوقف” فعلًا بدأه، كما اقترح ليبت، لكننا لا نملك حق البدء.وهذه ليست حرية. بل مهلة. العقل لا يعاديك، لكنه لا يعترف بك.لا يرى فيك ذاتًا، بل وظيفة.الوعي، من منظوره، ليس جوهرًا… بل عملية تابعة، سُمح لها بالوجود ضمن هامش محدد.وكلما حاول هذا الوعي أن يتوسّع، أن يسأل، أن يطالب، قابله العقل بالإرهاق، بالإنكار، بالتشتت، بالتأجيل. وهكذا، كل مرة تشعر فيها أنك قرّرت… اسأل نفسك:هل حقًا قرّرت؟أم أن القرار صيغ هناك… في غرف العقل الداخلية… ثم وُضع في فمك؟ نحن لا نكره العقل.لكن علينا أن نُدرك موقعنا منه.لسنا القادة، بل مكونات داخله.وكل محاولة لفهم أنفسنا، تبدأ بالاعتراف بهذه الحقيقة. وفي أعمق مستويات الوعي،ربما تبدأ الحرية… عندما ندرك أننا مقيدون. Arabic Random Quotes
Arabic Random Quotes كذبة من العدم July 23, 2023July 23, 2023 أخطر ما تعلمه ألارا خلال سنوات طفولتها وشبابها، لم يكن على يد حتشبسوت، بل على… Read More
Arabic Random Quotes حتمية الصدفة December 7, 2022December 8, 2022 -ليس خطاً مستقيماً، قال الشيخ رسلان بصوت مرتفع وسط ضجيج فتح الأقفال الحديدة. هل سبق… Read More
Arabic Random Quotes خليط عجيب غريب من الأعراق July 16, 2023July 16, 2023 فلا هو عثماني ولا فرعوني ولا تركماني! خليط عجيب غريب من الأعراق، حتى إنها تكاد… Read More