December 12, 2022December 18, 2022 لسنا من هنا لحظات، وعلم جوابَ ما حيره، ساعةً ونصف؟ بالكاد تكفي ….. قطعت الشارع أمامه، ترتدي فستاناً أسود طويل، بحمالات كتف عريضة وصدر واسع، فتحة على جانبه الأيمن، اكتسى به جسدٌ ممتلئ تلألأ بياضاً، شعرٌ ذهبي مموج انسدل من فوق كتفها الأيسر يغطي شيئاً من صدرها، شفتان حمراوان زادت ابتسامتهما من امتلاء وجنتين ممتلئتين بالفعل، عينان زرقاوان، تطلقان سهاماً غيرت قانون البشر منذ عصوره الحجرية، فاليوم أنا الصياد، وأنت الفريسة. لا شعورياً، وقف على قدميه، صافحها، قبل يدها، شم عطرها، أزاح لها الكرسي، جلست. اختال عائداً إلى مقعده مقابلها، رافعاً رأسه بفخر، نظرةٌ خاطفة إلى باقي الزبائن، عيون رجال ونساء ترمقها بإعجاب، وعيون رجال ترمقه بغضب، نعم، نعم عليكم أن تكونوا غاضبين، يا حسودين، فهذه ملكي أنا. نظر في عينيها مباشرة: كم أنتِ جميلة اليوم، فاتنة، رائعة. ما زالت هي كريستين مهما تألقت أنوثة، أطرقت عيناها في الأرض، احمرت وجنتاها خجلاً، نظرت إليه: أهلاً بك ظننت أنك لن تعود قبل يومين. روبرت: انتظري حتى تسمعي، لكن أولاً علينا تناول طعام الغداء، لديهم هنا خيارات نباتية مناسبة. أضاف متسائلاً: آه صحيح، ما هو السبب، هل كل شيءٍ على ما يرام؟ كريستين: نعم، ليس لأي أسبابٍ صحية، ببساطة قررت أن أصبح نباتية. ترددت للحظة: حسناً، بشكلٍ أكثر دقة أصبحت عضو في منظمة “لسنا من هنا” (we are not from here). روبرت: لم أسمع بها من قبل. كريستين: وجدتها من باب الصدفة عبر الإنترنت، قبل ثلاثة أشهر، كنت أتصفح الفيس بوك عندما ظهر لي إعلانٌ لموقعهم الإلكتروني، شدني الإعلان، عقلٌ شفاف، ومركبةٌ فضائية، وأضواءٌ من السماء، تصفحته. روبرت: نعم كان ليشدني كذلك، الحياة خارج الكوكب. صمتت حين وصل النادل، طلب الاثنان طعاماً نباتي. روبرت: أكملي كريستين: تابعت موقعهم، أفكارهم غريبة، ومقنعة، قررت الانتساب لهم، ورغم أنهم لا يشترطون اتباع النظام الغذائي النباتي إلا أني بدأت أحترم الحيوانات. ضحكت: نعم أحترمها ليس فقط أتعاطف معها أو أدافع عن حقوقها، بل أحترمها، لم تعد لدي رغبةٌ بتناولها. أدارت وجهها، جمعت أفكارها: حسناً أنا لست نباتية تماماً، أشرب المنتجات البقرية، الحليب، نعم، لكن لا أكل اللحوم، ولا الأسماك، ولا البيض، لا أكل أي كائن حي على هذا الكوكب، أما منتجاتها فأمرٌ مختلف. يسمع ما تقوله، وينظر لها بحيرة! يتفحص جسدها، فستانها، شعرها، لم يرها بمثل هذا اللباس وهذه الأنوثة من قبل. يحدّث نفسه: من هذه؟ تحترم الحيوانات؟ تباً هل باتت تعبد إحداها الآن! كريستين: بماذا تفكر؟ روبرت: أود الاستماع أكثر، يبدو أن ما لديك أكثرَ إثارةً مما لدي. تلعثمت، ترددت، اقتربت بجسدها باتجاهه: حسناً يا روبرت، أريدك معنا. حدّث نفسه: أوه! الآن بدأت تتضح الأمور، لباسٌ كهذا، نظراتٌ كهذه، أنوثةٌ طاغية، عطرٌ فواح، لقد تعلمت كريستين كيف تستخدم المرأة سلاحها الأقوى في الإقناع. روبرت: بالطبع يا عزيزتي، أنا معك أينما أردت، طالما احترمت الحيوانات كذلك، إنها كائناتٌ رقيقةٌ ومحبة، نستأنس بها. أدار وجهه، أغمض نصف عينيه بتعابير مضحكة: حسناً ربما ليس ذلك التمساح الذي أكل جارنا في العام الماضي، ولكنه يستحقُ الاحترام رغم هذا. رمقته بنظرة غاضبة: أنا جادة يا روبرت. صوتٌ في رأسه: تباً، لا تفسد الأمر، جارها، جارها يا أحمق، تحترم التمساح، النمر، الأسد، لا يهم، ففي النهاية ليس التمساح هو من سوف يتقلب في سريرك هذه الليلة. -أعتذر يا كريستين تعرفين روح دعابتي، أنا جاد، لكن اشرحي لي ما هي قصة هذه المنظمة؟ أمسكت هاتفها، كتبت في متصفح الإنترنت عنوان الموقع الإلكتروني www.wearenotfromhere.org أدارت الهاتف نحوه، هذا موقعهم الإلكتروني، عليك الدخول له وتقديم طلب عضوية انتساب، وملء الاستمارة و….. قاطعها: أوه انتظري، انتظري، ليس بهذه السرعة، عليّ أولاً معرفة المزيد عنهم. -حسناً سأشرح لك، لكنك سوف تشترك، أليس كذلك؟ -هذا يعتمد على أفكارهم يا عزيزتي، أعطيني نبذةٌ عنهم. تستجمع أفكارها، تعلم أن ما ستقوله محرج، ولكن لا مفر، أرادت أن يكون معها، معها في كل شيء تفعله أو تؤمن به. قالت: هل فكرت من قبل أن الحمار يعلم قوانين الكون أكثر منا يا روبرت؟ رفع يده على جبينه، حاول كبت ضحكة ارتسمت على شفتيه صوت في رأسه: يا سخيف، تذكر، ليس الحمار من سوف يطارحك الفراش هذه الليلة. استجمع نفسه، فكر في إلقاء طرفة من قبيل، هو بالتأكيد يعرفها أكثر من أستاذ الفيزياء في مدرستنا الثانوية، لكنه تراجع، فهي جادة فيما تقول، وهو جاد بشأن إعجابه بها. روبرت: لا أعلم، كيف يمكن له هذا؟ كريستين: لأنه رفض ما قبلناه، هذا بحد ذاته فطنة إن عرفنا السبب، دعني أوضح…. لقد نظرنا للحيوانات دائما على أنها مخلوقات غير محظوظة، أما نحن البشر، فقد نلنا الحظ كله، تطورنا عبر ملايين السنين، وأصبحنا أكثرَ المخلوقات على هذا الكوكب ذكاءً، في حين أن باقي المخلوقات لم تنل فرصةً حتى لتجارينا ولو بنسبة قليلة من الذكاء. أضافت: أجبني، حسب نظرية التطور، فقد تطورنا من حمضٍ أميني، وبرق ورعد، كما باقي المخلوقات، وتطور كل شيء فينا، أجسادنا، أعضاؤنا الحيوية، كلها تتشابه نوعاً ما مع باقي المخلوقات صحيح؟ روبرت: حتى الآن كلامك علمي ومنطقي، نحن نتشابه معهم، ونتقدم عليهم ببضع مراحل في سلم التطور، فنحن نتقدم على القرد، والقرد يتقدم على حيوانٍ آخر، وحيوان آخر على آخر، وهكذا، يوجد سلم للتطور ونحن في أعلى درجة. كريستين: صحيح، هناك من هم أسفل منا بدرجة، درجتين أو ثلاثة، ولكننا متقاربين في سلم التطور الجسدي، حتى الوظائف الحيوية، طريقة عمل الجسد، كل شيء. نظر في عينيها مباشرة، نظرة ملؤها الإيحاء: حتى طرق تكاثرنا يا كريستين، تتشابه معهم. أدارت وجهها، ابتسمت، تخيلت شيئاً في رأسها، ابتسمت أكثر، نظرت له: نعم يا روبرت، حتى هذه. أضافت: لمَ ليس الذكاء؟ لقد اتفقنا على أن أجسادنا تطورت وفق معاييرِ هذا الكوكب، ولهذا فهي تتشابه مع باقي المخلوقات، ولكن ليس الذكاء، بالنظر إلى جميع مخلوقات الأرض، فقلة الذكاء هو السمة البارزة، كلها تتقارب بنسبة ذكائها أو غبائها، يوجد سلم خاص بهم، ودرجات، أما نحن فلسنا على هذا السلم، نحن نتقدم عليهم بمراحل كبيرة جداً، لا تتناسب مع مراحل تقدمنا عليهم على سلم تطور الجسد. فلو كان ذكاؤنا تطور وفق معايير التطور على هذا الكوكب، لكنا نتقدم على القرد بدرجة أو درجتين، كما هي أجسادنا. أو لكان القرد يتأخر عنا ببضع درجات فقط، لكان الآن قادراً على الكلام مثلاً، أو لكان بمثل ذكائنا قبل ألف عام، يبني مدناً من الحجارة، مجتمعات منظمة، قوانين، أو على الأقل بمثل ذكائنا قبل عشرة الآلاف عام، يبني كوخاً، يصنع سيفاً، أليس كذلك؟ … وأولئك الأغبياء أنصار نظرية التطور، يريدون إقناعنا أن الشمبانزي قريبٌ من ذكائنا فقط لأنهم نجحوا في تعليم أحدِها لغة الإشارة! لو كان قريباً منا يا روبرت لتعلمها بنفسه قبل عشرة آلاف عام، وطورها، لأشعل النار، لبنى مدناً من أكواخِ الطين كما فعلنا قبل آلاف السنين. بدأ كلامها يبدو منطقياً الآن، نعم هذه كريستين، حمداً لله. أكملت بحماسة: راقب ما نفعله نحن ويفعلونه هم. ذلك التمساح، متى التهم جاركم؟ عندما أحس بالجوع أو الخطر، لأنه لم يجد مصدرَ غذاء، أو تعرض لتهديدٍ، وقف على شفير الهاوية، لا بد من القتل ليعيش، أما نحن قتلنا ونقتل ملايين الكائنات على هذا الكوكب للمتعة فقط، بلا سبب. هم لا يعيثوا في الأرض تخريباً، لا يقطعوا الأشجار، لم يتسببوا بثقب الأوزون، ولا الاحتباس الحراري، كل ما يفعلونه هو الحياة وفقط، يعلمون أن الأرض موطنهم، هي من ترعاهم، لا موطنٌ آخر لهم إلا هنا، يحافظون عليها، وما يستهلكونه منها هو بقدر حاجتهم للحياة فقط. راقب تصرفاتهم يا روبرت، يتصرفون كأنهم السكان الأصليون، هذا موطنهم هم، وحتى إن أفسدناه نحن، لا يشاركون في إفساده معنا، إنهم يدركون بفطرتهم أعظم قوانينِ الكون، قانون التبادلية. الكون مبنيٌ على التبادلية، طاقته مصدر حياته، يحولها من شكلٍ إلى آخر، يدفع هذا هنا وهذا هناك، يعيد ترتيب نفسه. فهو يكره الاحتكار، يرفض تكديس الطاقة، لا يقبل بثلاجةٍ ممتلئة بالطعام وأخرى فارغة، يريد توزيع المقدرات بالتساوي في كل مكان. الإنتروبي يا روبرت، نظرية الفوضى، العشوائية، لو سكبت ماءً ساخناً على باردٍ، لن ينفصل لنصفين ساخنٍ وبادر، سوف تقوم الإنتروبي بتوزيع الحرارة بالتساوي بين جميع الجزيئات، لو وضعت كوبَ شاي على الطاولة، لن يبقى ساخناً طويلاً، سوف يفقد حرارته لصالح محيطه، هذا قانون الكون كما تعلم، التبادلية، الإنتروبي. وهم لا يكدسون الطعام، بل يأكلون حاجتهم، ويتركون بقيته ليستفيد منه غيرهم من الكائنات، لا مشكلة لديهم مع البكتيريا ولا الطفيليات، ولا مشكلة للأسدِ بضبعٍ يأتي يأكل ما تبقى من فريسته، طالما أنه أخذ حاجته. لا ضغينة عندهم ولا حقد، يتصرفون وكأنهم واعيّن جداً لقانون الكون الأعظم، يحترمونه، ينصاعون له، يقبلون به. روبرت: حسناً ألا تعتقدين أن الأسد لا يحتفظ ببقايا طعامه لأنه لا يملك ثلاجة؟ كريستين: لماذا لم يخترعها؟ أو يسرق ويستخدم ثلاجة أحدهم؟ ليس لديه الذكاء الكافي؟ حسناً عدنا لنقطة البداية، إذاً قوانين التطور على هذا الكوكب غيرَ قادرة على إيجاد الذكاء من الأصل، أو ربما لا تريده. ومن يقول عكس هذا، فهو مغرور منتفش فارغ، هو كمن ينكر وجود حياةٍ خارج الأرض، كل هذا الكون بكل نجومه وكل مجراته، ونحن فقط المحظوظون كفايةً لنعيش فيه! وكل هذه الأرض بكل مخلوقاتها وتنوعها البيئي، فنحن فقط من اختارانا الكوكب لنكون أذكياء، ولا أحداً غيرنا يتمتع حتى بقدر الذكاء الذي كان لدينا قبل مائة ألف عام! روبرت: حسناً، ما الذي ترمين إليه؟ كريستين: الذكاء خارج منظومة التطور، لم يتطور هنا، ليس من هذه الأرض، لقد جاء من مكانٍ آخر، فنحن الوحيدون الذين نُصر على كسرِ قوانين الكون كله، نحتكر، نقتل بلا سبب، نتصرف كأننا لن نموت، نبني الأبراج، نجمع المال ونكدسه، نشن الحروب ونقتل وندمر، نتصرف وكأننا خالدون. أضافت: يمكنني تفهم طموح هتلر الذي جعله يشن الحرب العالمية الثانية، لو كان خالداً. نابليون، وجميع الجيوش والقادة الذين أبادوا ملايين البشر، بل ورجال الأعمال الذي يكدسون ملياراتهم وهناك من يموتون جوعاً، يمكنني تفهم هذا لو كانوا خالدين ولن يموتوا. ولكن أين المنطق في أن يُفني الإنسان عمره القصير كله في أذية الآخرين لتحقيق مكاسب هو لن ينعم بنتائجها لوقتٍ كافٍ حتى إن نجح؟ السبب أننا نتصرف على طبيعتنا، حقيقتنا، فشيءٌ في داخلنا يقول لنا نحن خالدون ولن نموت، وبناءً عليه نفعل ما نفعل، على عكس كل الكائنات الحية، تعلم أن حياتها قصيرة، ولا حياةً أخرى لها، استسلمت للأمر الواقع، وقبلت بعيشها بسلام والاستمتاع بها. روبرت: بسلامٍ، في الغابات؟ كريستين: نعم بسلام، فالحيوان المفترس لا يقتل إلا كلما دعت الحاجة الضرورية لاستمرار الحياة فقط، يقتل لتستمر الحياة، وتولد من جديد، ولا يقتل ليزين حائط عرينه برأس ثور. أضافت بلا توقف: نظريات تقليل عدد سكان العالم، القتل من أجل الغذاء، من أين أتت؟ من قال أن كوكب الأرض لن يكفي مائة مليارٍ إضافيةٍ من البشر؟ معظمه غير مأهول بالسكان، زرعنا الصحراء، بنينا المدن في الهواء وفوق الماء، أنتجنا الغذاء اصطناعياً، ابتكرنا حلولاً كثيرة، وهذا كله والأرض لم تتوقف عن الإنتاج بعد، لماذا نحن خائفون؟ الحياة ستجد سبيلها دوماً، والأرض ستجد وسيلة لإصلاحِ نفسها، والكون سيضبط الموازين لا محالة. سبب هذه الهواجس، هي أننا نعلم أننا لسنا من هنا، شيءٌ في داخلنا يقول لنا لسنا من هنا يا روبرت، مجرد دخلاء، محتلون، مغتصبون، لهذا نحن خائفون. روبرت: حسناً ولكن لنعد لنقطة الصفر، أجسادنا تطورت هنا لقد اتفقنا، وسلم التطور يشهد على هذا. كريستين: أجسادنا نعم، بجميع أعضائها، دخلنا في هذه الأجساد، نستخدمها، ليست ملكنا، أما نحن فقد أتينا من مكانٍ آخر. جحظت عيناه، تباً ما الذي يجري من حولي! بدأت الآن تتحدث وكأن موسى من يجلس أمامه، أو لعلها نتاشا! ما هذا الجنون؟! يا له من أسبوع! حدّث نفسه: هل أتعرض لمؤامرة؟ هل موسى استهدفني في إسرائيل؟ واستهدف كريستين من خلال هذا الموقع! فرضيةٌ منطقية، ولكن كيف؟ كيف وصلّها؟! ومن نتاشا تلك! لماذا تعمدت الإيحاء بكلامٍ ككلامِ موسى! نظر إليها: كلامك منطقيٌ جداً، كم عدد أعضاء المنظمة؟ -عشرون ألفاً يا روبرت -ماذا؟ عشرون ألفاً؟ هل هم وهميون؟ -لا، كلهم حقيقيون، أكاديميون، طلاب، رجال أعمال، أشخاصٌ بسطاء، ومن مختلف البلدان. هذه ضربةٌ قوية لنظرية المؤامرة، لو كان عددهم قليلاً، أو وهميين، لكان من الممكن أن يكون موسى خلف الأمر، لكن من الواضح أنها منظمة حقيقة، موجودة، ولديها أنصارها ومؤيدوها، عشرون ألفاً حول العالم. ثارت غريزة الرجل في داخله، لن أتركها وحيدةً بينهم، إن كان بالأمر مكيدة فسوف أحميها، سوف أبقى بجوارها. روبرت: كيف أقوم بتعبئة طلب الانتساب؟ رقصت عيناها فرحاً: عبر موقعهم الإلكتروني يمكنك تقديمه الآن. أضافت: بالإضافة إلى أن لدي رصيدُ مائة دولار عندهم، يمكننا استخدامها في تسديد الرسوم السنوية لاشتراكك. -ماذا؟ رسوم؟ هل ندفع لهم المال كذلك؟ -نعم يا روبرت، أخبرتك أنها منظمة لا بد من دفع الرسوم للاشتراك، فهذه بالإضافة لتبرعات الأعضاء هي مصدر دخلهم الوحيد للبحث. -البحث عن ماذا؟ -عن أصولنا، الناس من حولنا مجانين، ينفقون مالهم ووقتهم وكل ما لديهم، في حروبهم وملذاتهم وأمورٍ غبية، ليموتوا بعد بضعة أعوام دون أن يعرفوا شيئاً عما ينتظرهم، لا أحد يبحث عن أصلنا، من أين أتينا، وإلى أين نحن ذاهبون! ماذا لو كان هذا العالم هو محطة اختبار، لا بد لنا من فعل شيءٍ فيه قبل الموت، حتى نتمكن من النجاة في المكان الذي نحن ذاهبون إليه! ألا يستحق هذا دفع مائة دولار في سبيل فرصة لمعرفته؟! روبرت: بالتأكيد، لست معترضاً على المال، المبلغ لا يستحق، ولكن فاجئني الأمر فقط. أمسك هاتفه الجوال، دخل إلى موقعهم الإلكتروني www.wearenotfromhere.org ملأ استمارة التسجيل، سدد الرسوم. نظر إليها: لقد انتهيت، ظهر لي رسالة تقول سوف يتم مراجعة طلبك خلال 24 ساعة. تنهدت، نظرة إعجاب، حدّثت نفسها: هذا فارسُ أحلامي لا محالة. طلبت على استحياء: هل يمكنني الجلوس بجانبك؟ ماذا؟ بالطبع، قال بلا تردد تحركت عن مقعدها، وسحبت مقعد آخر وجلست بجانبه، التفتت بكامل جسدها نحوه. -هل أنت معجب بي يا روبرت؟ خفق قلبه، تصبب عرقاً، نظر حوله إلى الزبائن، وكأنه في برنامجٍ على الهواء مباشرة، الجميع يراقبهم، يترقبون القبلة القادمة بشوقٍ أكثر منه، ليهموا بالتصفيق. -بالطبع كريستين، لطالما كنت معجباً بك لحظة من الصمت، أيدٍ ترتفع في الهواء، وابلٌ من التصفيق والهتاف عمّ أرجاء المقهى. شفتها بين شفتيه، يتلذذ بها على غير عجل، كأنها حبة توتٍ بري، أو قطعةٌ من الشوكولاتة تذوب بتأن في فمه… قال: هذه القبلة كانت كافيةً منذ البداية لجعلي أؤمن بأننا من خارج هذا الكوكب. سحبت شفتها من فمه، عادت للخلف قليلاً، نظرت في عينيه مباشرةً. قالت: روبرت، لسنا من هنا لا تعني لسنا من هذا الكوكب، بل لسنا من هذا الكون. من رواية اللحظة صفر – اقرأ الرواية من هنا Share this… Copy Facebook Messenger Twitter Pinterest Linkedin Whatsapp Telegram 1Artboard 1 copy 2 Snapchat Skype Print Arabic Random Quotes
Arabic Random Quotes سؤال تعارف تقليدي December 6, 2022December 8, 2022 -ما الذي تتمناه من هذه الدنيا؟ -أن يكون لدي خزانةُ ملابس في أول لقاءٍ له… Read More
Arabic Random Quotes التخاطر الفكري والتقمص العاطفي December 9, 2022December 10, 2022 -هل تعلم ما هو الفرق بين التخاطر الفكري والتقمص العاطفي؟ -نعم، التخاطر هو قراءة الأفكار،… Read More
Arabic Random Quotes هل فكرت بالحتمية من قبل؟ December 6, 2022December 11, 2022 هل فكرت بالحتمية من قبل؟ أكمل ولم ينتظر سماع الجواب: فيما مضى كان البشر يعتقدون… Read More